بحث حول الشكلية الاتفاقية في العقود سنة ثالثة قانون خاص
المقدمة
من المعلوم بان العقد ينشأ من تلاقي إرادتين –الإيجاب والقبول-، وان كـلاً منهمـا
تقتضي التعبير عنها لإظهارها من الخفاء الى المظهر المادي الملموس، وهذا التعبيـر عـن
الإرادة يتنازعه مبدآن:- مبدأ الرضائية والذي يعني منح الأفراد حرية اختيار التعبير الملائم
لإرادتهم، ومبدأ الشكلية وهو على النقيض من سابقه، ويعني إلزام الأفـراد بـشكل محـدد
للتعبير عن إرادتهم العقدية.
واذا كانت الرضائية تشكل القاعدة العامة التي تحكم التصرفات القانونية فـي الـنظم
القانونية الحديثة ، فان الشكلية أصبحت هي الاستثناء فيها، وقد اقتصرت على الاشكال التـي
فرض المشرع إتباعها لإنتاج التصرف آثاره القانونية، بحيث انها تشكل في مجملهـا قيـداً
على إرادة الأفراد لا يملكون إزاءها حرية الاختيار، ولا يكتمل التصرف القانوني بانعدامها.
الا انه قد يحدث ان يتفق الأفراد على إظهار إرادتهم في شكل خاص لـم يفرضـه
المشرع، ولا يخرج بالتصرف من نطاق الرضائية يطلق عليه الشكل الاتفـاقي، فهـل مـن
الممكن ان يحتل هذا الأخير ذات المكانة التي يحتلها الشكل القانوني – أي المفـروض مـن
قبل المشرع- ؟ وهل يمكن ان يقال عنه بأنه شكلاً بالمعنى القانوني؟
والحقيقة، ان هذه التساؤلات هي ما دعتنا الى طرح الموضوع على بساط البحـث.
وفي ظل عدم كفاية النصوص التشريعية التي عالجت هذا الموضوع، وعدم إحاطتهـا بمـا
يكفي لاستبعاد الغموض واللبس عنه واشتباهه بالشكلية القانونية، آثرنا الخوض في جوانبـه
ومن زواياه المتعددة للإحاطة بمعظم ما تتخلله من قواعد واحكام لها أهميتها فـي الجـانبين
النظري والعملي.
فعلى صعيد الجانب النظري، سبق وأشرنا الى ندرة النـصوص التـشريعية التـي
تصدت لمعالجة موضوع الشكلية المتفق عليها بين الطرفين، إضافة الى ان البعض من هـذه
النصوص قد عالجت موضوع البحث في ذات الموضع الذي عالجت فيه الشكلية القانونيـة،
كما انها قد أعطته ذات الحكم، وهذا ما سيتم مناقشته والتطرق اليه في موضعه من البحث.
اما على صعيد الجانب العملي، فكثيراً من الأحيان ما يحدث ان يتفق طرفا عقد على
إتيانه في شكلية خاصة قد تكون لغرض اثباته أو شرطاً لانعقاده، فاذا تنصل طرفاً منهما عن
مراعاته وتنفيذه، فهل ينهض هذا الأمر سبباً لبطلان العقد وعدم إنتاجه آثاره القانونية؟ أم انه
مما لا ينسحب على تأثير في العقد، ويمكن تنفيذ الأخير دون النظر الى الأول، على اعتبـار
انه مادام يشكل اتفاقاً فانه من الممكن التنازل عنه دون ان يؤثر علـى تنفيـذ العقـد الـذي
يتضمنه؟.
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٨
هذه التساؤلات، وغيرها، هي ما سيتم التعرض اليه في متن هذا البحث وفق منهجية
لا تقوم على المقارنة بين التشريعات القانونية، لان هذه المقارنـة تقتـضي تـأطير الفكـرة
تشريعياً، لأمكان، بعد هذا، عقد المقارنة، إنما تقوم منهجيتنا في هذا البحث علـى اسـتجلاء
لفكرة موضوعه، آملين من مشرعنا المدني تأطيرها في نص تشريعي على وفق مـا سـيتم
التوصل اليه من نتائج في ختامه.
اما الخطة التي رسمناها لبحث الموضوع، فتتلخص بالآتي:-
المبحث الأول: مفهوم الشكل الاتفاقي
المطلب الأول:- تحديد معنى الشكل الاتفاقي
المطلب الثاني:- تمييز الشكل الاتفاقي من الشكل القانوني
المبحث الثاني: التكيف القانوني للشكلية الاتفاقية
المطلب الأول:- تفسير اتفاق الطرفين على اشتراط الشكل
المطلب الثاني:- تحديد استلزام الشكل الاتفاقي
المبحث الثالث: الأثر المترتب على تخلف الشكل الاتفاقي
المطلب الأول:- بطلان التصرف كجزاء لتخلف الشكل الاتفاقي
المطلب الثاني:- جزاءات أخرى غير البطلان لتخلف الشكل الاتفاقي
الخاتمة
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٩
المبحث الأول
مفهوم الشكل الاتفاقي
في هذا المبحث سنحاول توضيح معنى هذا الشكل الاتفاقي، ثم نتطرق الى تمييزه عن الشكل
القانوني، وذلك في مطلبين كالآتي.
المطلب الأول
تحديد معنى الشكل الاتفاقي
قبل ان ندخل في بيان ما يعنيه الشكل الاتفاقي، يجدر بنـا اولاً، توضـيح المفهـوم
الدقيق للشكل باعتبار ان ما ستخلص إليه نتائج هذا المفهوم، سيبنى عليه ما اذا كان الـشكل
الذي يتفق عليه المتعاقدان – والذي نحن بصدد دراسته-، مما يدخل ضمن هذا المفهوم.
فالشكل في اللغة من شكلَّ الشيء : صوره ، وهو صورة الشيء المحسوسة أو المتوهمة ،
ويراد به غالباً ما كان من الهيئات
(١)
.
اما الشكل اصطلاحاً ، فقد أورد بعض الكتاب تعريفاً له تمخض في الغالب عن اعطـاءه
معنى الشكلية التي يستلزمها المشرع في بعض التصرفات القانونيـة ، لتفعيـل الارادة فـي
التوصل الى الأثر المنشود من ذلك التصرف ، فهو عبارة عن اسلوب محدد للتعبيـر عـن
(٢ (الارادة يفرض بصورة الزامية من قبل المشرع ،ويكون عنصراً اساسياً في انشاء العقد
،
(٣ (أو هو صورة خاصة من صور التعبير عن الارادة يفرضها المـشرع
، أو كونـه ذلـك
(٤ .(الاسلوب المحدد الذي يتعين ان يكون الرداء الذي تظهر به الارادة عند التعبير عن نفسها
وأخيراً قد تكون الشكلية المقصودة قانوناً ، هي التي يجازى غيابها بانعدام الأثـر القـانوني
(٥ (للتصرف
.
ويبدو مما ذكر ، بان الشكل يتصل بالتعبير عن الارادة ، لا بـالارادة ذاتهـا ، وذلـك ان
( ٦ (الاخيرة تعد امراً باطناً من كوامن النفس
، لايمكن التعـرف اليهـا الا باظهارهـا الـى
الوجود المادي بتعبير ما يصدر عن الشخص للدلالة عليها ، واذا كان الامر كـذلك ، فـان
اظهارها الى العالم الخارجي بشكل مادي محسوس ، هو ما يجعل بالامكان فهمها والتوصـل
الى مدى جديتها في الانصراف الى احداث أثر قانوني معين ، وماعـدا ذلـك ، فـان هـذه
(٧ (الارادة تبقى عديمة الأثر ما دامت كونها حقيقة نفسية باطنة
.
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
١٠
فهل ان كل تعبير بهذا المعنى ، يعد شكلاً بالمفهوم المطلوب الاستيضاح عنه – كما ذهبنـا
في مقدمة هذا المطلب - ، أم انه يتطلب ان يكون في صورة خاصة لهذا التعبير ، ولـيس
التعبير ذاته ؟
والحقيقة ان هذا الامر كان مثار خلاف فقهي كبير تمخـض عنـه اتجاهـان فـي الفقـه
المعاصر:
احدهما يرى بانه لايمكن تصور وجود شكلية ، الا اذا كان هنالك شكل محدد يجب التقيـد
(٨ (به ، وان التصرف لايعتبر شكلياً الا اذا تم التعبير عنه بشكلية مفروضـة
، وهـذا هـو
الاتجاه الذي يضيق من تلك الشكلية بحيث يقصر التصرف الشكلي على الارادة التـي تتخـذ
وضعاً خارجياً معيناً ، ومن مؤيدي هذا الاتجاه الفقيه ايرنـغ والـذي يـرى (( ان الـشكلية
تقتضي ان يكون هناك تنظيم وضعي يفرض شكلاً معيناً على التعبيـر عـن الارادة لـيس
(٩ (لصاحبه اختيار سواه ))
.
اما الاتجاه الآخر ، فهو الذي يوسع من مفهوم الشكلية ، حيث يرى ان التعبير عن الارادة
بحد ذاته هو شكلاً بالمعنى القانوني . واستند الكتاب
( ١٠)
، في اتجاههم هذا، الـى ان الإرادة
شيء خفي، لا يمكن تلمسها الا بطريق إظهارها الى الوجود المادي، وإظهارها هـذا لا يـتم
الا بالتعبير عنها، وهذا التعبير ما هو الا شكلاً للتصرف القانوني. وبالطبع، فان هذا التصور
للشكل لا يمكن التعويل عليه، لأنه سيقود الى القول بان جميع التصرفات القانونيـة شـكلية
مادام التعبير عن الإرادة فيها محتوماً بشكلية معينة تظهرها الى الوجود المادي.
واذا تيقنا، بان الشكل الاتفاقي- وهو محور دراستنا في هذا البحث- لا يعني سـوى
(١١ (اتفاق الأفراد على ضرورة إتيان تصرفهم في شكل محدد يتفقون عليه مقدماً
، فانه وفقـاً
للاتجاه الأخير- والذي يذهب الى ان كل تعبير عن الإرادة هو مظهـر شـكلي للتـصرف
القانوني- لا يكون الا شكلاً بالمعنى القانوني.
اما وفقاً للاتجاه الأول- والذي يرى بان الشكل بمعناه القانوني لا يكون الا مفروضاً
من قبل المشرع- فان الشكل الذي يرد باتفاق الطرفين لا يمكن عده شكلاً قانونياً، لان الشكل
(١٢ (القانوني إنما يتحدد بإرادة المشرع وليس بإرادة الأفراد
.
وجدير بالذكر ان الشكلية في القوانين القديمة وابرزها القـانون الرومـاني ، كانـت هـي
القاعدة العامة في اطار العقود ، اذ ان العقد في تلك القوانين كان يرتب أثره بمجرد اكمـال
( ١٣ (شكليته الخاصة بغض النظر عن الارادة التي انتجت هذا العقد
، اما القوانين الحديثـة ،
فقد تخلت في معظمها عن هذا المفهوم للشكلية المجردة ، فأصبحت الرضائية هـي القاعـدة
العامة في معظم التصرفات ، وما الشكلية الحتمية أو التي تحمل صفة الالـزام ، الا وضـعاً
(١٤ (فرضه المشرع في نطاق ضيق لغايات أو اعتبارات معينة
، وعلى الرغم من كونها في
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
١١
نطاق محدود ، الا انها ليست بشكلية مجردة – كما كان الامر في القوانين القديمة - ، بدليل
ان العقد الشكلي لاينعقد ولا يكون له من اساس لمجرد استيفاء الشكل ، بل لابد مـن تـوافر
( ١٥ (باقي الاركان العقدية والمتمثلة بالتراضي والمحل والسبب
.
واذا كانت الرضائية في القوانين الحديثة تكفي لانشاء العقد ، فان الـشكلية القانونيـة – او
المفروضة من قبل المشرع – لاتكون الا استثناءاً من قاعدة الرضائية المشار اليها ، بمعنـى
ان التراضي في العقد الشكلي ، لايكون كافياً لانتاج هذا العقد آثـاره القانونيـة ، بـل لابـد
للوصول الى هذه الآثار ان يأتي ذلك التراضي في صيغة معينة يحددها القانون ، ولايغنـي
(١٦ (عنها اتيانه في صيغة اخرى
.
نستنتج مما سبق ، بان الشكل الاتفاقي ليس شكلاً بالمعنى القانوني ولاينهض قيـداً علـى
ارادة المتصرف ، ذلك لان الشكل بمعناه القانوني لايكون الا مفروضاً من قبل المشرع وفي
بعض التصرفات القانونية
(١٧)
.
اما الشكل الذي يتفق عليه الافراد ، فهو ليس بالشكلية القانونية التي تنقـل التـصرف مـن
الرضائية الى الشكلية ، بل يبقى التصرف ، مع هذا ، رضائياً ولايخفى ، بعد هذا ، ما بـين
الشكلين من فوارق أو تمييز تحتم القول باختلاف كل منهما عن الآخر ، وهـذا مـا سـيتم
ايضاحه في المطلب القادم .
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
١٢
المطلب الثاني
تمييز الشكل الاتفاقي من الشكل القانوني
بعد ان أوردنا، في المطلب السابق،الاتجاهات الفقهية التي تناولت موضوع اعتبـار
الشكل الاتفاقي شكلاً بالمعنى القانوني، ورجحنا بدورنا الاتجاه الذي أنكر عليه هـذه الـصفة
القانونية، أصبح من المحتم علينا، بعد ترجيحنا هذا، إبراز الفوارق التي تجعل مـن الـشكل
الذي نحن بصدده يبتعد في معناه عن المعنى المفترض للشكلية القانونية.
ويمكننا إجمال تلك الفوارق بما يأتي:-
اولاً:- ان عناصر التصرف القانوني لا يمكن تحديدها الا من قبل المشرع، فالـشكلية التـي
يستلزمها الأخير لتكوين هذا التصرف تستهدف تحقيق مصلحة لطرفيه مما يمكن معهـا
تبرير خروجه عن الأصل العام في التصرفات وهي الرضائية، ومن غير المقبـول ولا
المعقول ان تمنح الإرادة مثل هذا الدور في تحديد تلك العناصر، مما يقـود فـي نهايـة
(١٨ (الأمر الى القول بالمساواة بين اثر الاتفاق وأثر القانون في تكوين التصرف
، ومن ثم
(١٩ (فسح المجال لإضافة عنصر جديد لصحة التصرف القانوني لم يستلزمه المشرع
.
نخلص، من هذا، بان الشكل الاتفاقي مصدره اتفاق طرفي التصرف، وهو لا يرقى، بأي
حال من الأحوال، الى مرتبة الشكل القانوني الذي يكون مصدره إرادة المشرع.
ثانياً:- ان صفة الإلزام لا تتحقق الا بالنسبة للشكل القانوني، بمعنـي ان طرفـي التـصرف
ملزمين بإتباع ما فرضه المشرع من شكلية خاصة بذلك التصرف، وفـي حالـة عـدم
إتباعها، فان هذا التصرف محكوم بالعدم
، اما بالنسبة للشكل الاتفاقي، فعلى العكس (٢٠(
من ذلك، يكون لطرفيه حرية العدول عنه متى شاؤوا مادامت إرادتهم قد قررته، بمعنى
انه لا يتوفر فيه عنصر الإلزام، اذ بإمكان من اشترطه التنازل عنه، ان صراحة باتفـاق
لاحق ينسخ الاتفاق السابق، أو افتراضاً من مجرد إتمام تنفيذ العقد أو حتى البـدء فـي
(٢١ (تنفيذه دون مراعاة الشكل المتفق عليه
.
ثالثاً:- ان الشكل المفروض من قبل المشرع- وهو الشكل القانوني بالمفهوم الـدقيق- يـرد
(٢٢ (قيداً على مبدأ الرضائية
، وهو المبدأ العام الذي يحكـم التـصرفات القانونيـة فـي
القوانين الحديثة، ويمكن اعتبار الشكل القانوني، هنا، استثناءاً من هـذا المبـدأ العـام،
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
١٣
والاستثناء، كما هو معروف، بأنه لا يجوز التوسع فيه، اما الشكل المتفـق عليـه بـين
الطرفين، فهو، على العكس، يعتبر تطبيقاً للمبدأ المذكور لا قيداً عليه، ذلك ان للمتعاقدين
حرية اختيار الشكل الذي يعبران به عن إرادتها، وان اختيارهما لـشكل مـن الأشـكال
(٢٣ (المتاحة، لا يعد الا تطبيقاً محضاً لمبدأ الرضائية
.
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
١٤
المبحث الثاني
التكييف القانوني للشكلية الاتفاقية
ان تحديد هذا التكييف للشكل الاتفاقي ، يقتضي منا معرفة ما انـصب عليـه قـصد
المتعاقدين من اشتراط هذا الشكل، أي ان كان مشروطاً لمجرد الإثبات، أو انه مما يـستلزمه
انعقاد العقد، وفي سبيل التوصل الى هذا القصد للمتعاقدين، ينبغي، مقـدماً، تفـسير الاتفـاق
الذي عقده الطرفان لاشتراط هذا الشكل. وسنأتي على تفـصيل مـا سـبق فـي المطلبـين
الآتيين:-
المطلب الأول
تفسير اتفاق الطرفين على اشتراط الشكل
ان اشتراط الشكل بين الطرفين قد يكون في صورة صريحة، وقد يكـون ضـمنياً،
، أي (٢٤ (وفي الحالة الأخيرة يجب ان يكون الطرفان قادرين على إثبات ما جاء في اتفـاقهم
ان على من يدعي وجوده ان يتمكن من إثبات دعاءه.
الا ان إثبات وجود مثل هكذا اتفاق، غير كاف لتحديد الأثر المترتب عليه، اذ يجب،
والحالة هذه، ان يرافقه تحديد القصد من اشتراطه، أي ان كان الاتفاق على جعله مجرد دليل
لإثبات العقد، أم عده شرطاً لانعقاده. والأمر هنا لا يتجاوز أحد فرضين سنتناولهما بالتتابع.
الفرض الأول:-
ان يكون الاطراف قد أوضحوا قصدهم من الشكل الذي اتفقوا عليه، سواء أكان معداً
للإثبات أم للانعقاد، وسواء كانوا قد عبروا عن قصدهم، هذا، صراحة أو ضـمناً، اذ لـيس
بالضرورة ان يكون التعبير صريحاً فيما اذا كان الشكل مقصوداً منه ان يكون شرطاً لانعقاد
(٢٥ (العقد
، وإنما المهم في هذا، سهولة استجلاء قصد المتعاقدين، وقد ذهبت الى تقرير هـذا
الأمر، بعض القرارات القضائية التي أفادت بإمكانية التعويل على الاتفـاق الـضمني علـى
(٢٦ (الشكل فيما اذا كان مطلوباً للانعقاد
.
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
١٥
ومن الواضح، بأن هذا الفرض لا تثور فيه أية مشكلة مادام القـصد مـن اشـتراط
الشكل الاتفاقي، فيه، واضحاً يمكن الاهتداء اليه بسهولة، وإنما يمكن ان تتـضح الإشـكالية،
هنا، في الفرض الثاني من هذا البحث، وهو ما سنتطرق اليه في الآتي:-
الفرض الثاني:-
ان يكون الاطراف قد اتفقوا على الشكل، وأهملوا إيضاح قصدهم من اشتراطه، كما
لو اتفقوا على إدراج العقد في محرر رسمي دون إيضاح القصد من جعله في هذه الـصيغة
الرسمية ان تكون مشروطة لإثباته أم لانعقاده.
وفي هذه الحالة، على القاضي ان يتحرى عن القصد المشترك لطرفـي العقـد مـن
اشترط الشكلية، وذلك بالرجوع الى بنود الاتفاق ذاته، والظروف والوقـائع التـي أحاطـت
(٢٧ (به
، فان استطاع الوصول الى هذا القصد المشترك فانه يجب أعماله طبقاً لقاعدة (العقـد
شريعة المتعاقدين)، وان كان لنا في هذا الموضع بالذات – أي اتفاق الطرفين علـى شـكلية
(٢٨ (خاصة للانعقاد –وقفة خاصة سنضمنها بحثنا لاحقاً
اما ان لم يستطع ذلك، ولـم يـتمكن
من تحديد حقيقة قصد الطرفين المشترك، هذا، فعليه ان يلجأ الى تطبيق حكم القانون في هذه
المسألة، وان لم يكن متاحاً، فالاستئناس بما هو سارٍ في الفقه والقضاء.
والحقيقة، ان بعض التشريعات القانونية، قد أوضـحت فـي نـصوصها، المعالجـة
المطلوبة لمثل تلك المسألة، وان لم تكن في تقديرنا، هي الاصوب، فمثلاً قـانون الموجبـات
والعقود اللبناني ، والذي ذهب ، على مايبدو ، الى اعتبار الشكل المشترط بـين الطـرفين ،
مطلوباً ، عند الشك ، للانعقاد ، لانه رتب عند تخلفه جزاءاً يتمثل بعدم انعقاد العقد ، حيـث
نصت م (٢٢٠/٣ (منه على انه : (( اذا اتفق المتعاقدان من جهة اخرى على وضـع العقـد
في صيغة خاصة لايوجبها القانون ، كالصيغة الخطية مثلاً ، فان العقـد لاينعقـد ولاينـتج
مفاعيله حتى بين المتعاقدين ، الا حينما يوضع في تلك الصيغة )).
وهناك تشريعات أخرى، لم يرد فيها نص يضع حداً فاصلاً لمثل تلك المسألة، فمـثلاً
القانون الفرنسي لا يوجد فيه مثل هذا النص، وينبغي، هنا، على القاضي الاسترشاد بموقـف
الفقه والقضاء. ويرى القضاء الفرنسي بان أعمال القواعد العامة بهذا الصدد يقضي باعتبـار
(٢٩ ( الشكل المتفق عليه بين الطرفين، عند الشك، مطلوباً للإثبات لا للانعقاد
كمـا ان الفقـه
(٣٠ (يؤيد هذا التوجه
.
وكذلك الأمر في التشريع المصري، اذ لم يتضمن القانون المدني نصاً يفيد في حـل
الإشكال المذكور، الا ان مشروع تنقيح القانون المدني، كان يحـوي نـصاً يعتبـر الـشكل
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
١٦
الاتفاقي، عند الشك، مطلوباً للانعقاد وليس لمجرد الإثبات، وهو نص المادة (١٤٩ (والـذي
(٣١ (تم حذفه فيما بعد من قبل لجنة المراجعة
.
وبالرغم من هذا، فان الفقه
(٣٢)
، والقضاء
(٣٣)
في مصر، يذهب الى ان الشكل المتفق
عليه بين الطرفين يكون معتبراً، عند الشك، للإثبات وليس للانعقاد، وذلك اعمـالاً للقواعـد
العامة، ولان الأصل في العقود الرضائية.
اما في التشريع العراقي، فلم نجد في القانون المدني نصاً يحكـم الـشكلية الاتفاقيـة
عموماً، ويمكن في هذا المجال، القياس على حكم المادة (٨٦/٢ (منه، والتي تذهب الى انه:-
"واذا اتفق الطرفان على جميع المسائل الجوهرية في العقد واحتفظا بمسائل تفصيلية يتفقـان
عليها فيما بعد، ولم يشترطا ان العقد يكون غير منعقد عند عدم الاتفاق على هذه المـسائل،
فيعتبر العقد قد تم، واذا قام خلاف على المسائل التي لم يتم الاتفاق عليهـا، فـان المحكمـة
تقضي فيها طبقاً لطبيعة الموضوع ولأحكام القانون والعرف والعدالة".
واذا صح القياس، هنا، فلا شك بان المسألة في القانون العراقي تأخذ ذات الحكم فـي
القانونين المصري والفرنسي، في ان أعمال القواعد العامة يقضي بتـرجيح كـون الـشكل
مطلوباً للإثبات وليس للانعقاد فيما اذا لم يكن ظاهراً من الاتفاق عده دليلاً لانعقاد العقد.
ومن وجهة نظرنا – إن ابتغينا ترجيح احد الموقفين - ، فان الشكلية المطلوبـة للانعقـاد
لاتغني عن كون العقد ما زال رضائياً ، أي لايمكن لاي من الطرفين – اسـتدلالاً باتفـاقهم
على شكلية معينة لم يتضح القصد منها انها مطلوبة للانعقاد – ايقاف اعمال العقـد لآثـاره
المنشودة منه ، ما دامت اركانه موجودة وفي مقدمتها التراضي بين الطرفين ، وهـذا كافيـاً
لانعقاده وانتاج آثاره ، وتبقى المسألة في نهاية الامر رهناً بالظروف والقرائن التـي ترافـق
انعقاد العقد ، والتي بالامكان الاستدلال منها عما كان يبتغيه الطرفان من اشـتراطهما لتلـك
الشكلية .
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
١٧
المطلب الثاني
تحديد استلزام الشكل الاتفاقي
انتهينا، في المطلب السابق، الى ان الشكل الاتفاقي قد يكون مطلوباً للإثبـات، وقـد
يعلق انعقاد العقد على شرط استيفائه، سواء تم التوصل الى هذا باتفاق الطرفين الـصريح أو
الضمني، أو تم استجلاء القصد من اشتراطه عن طريق اللجوء الى نص القانون أو القـضاء
في حالة عدم وضوح هذا القصد. وفي كل ما سبق، ينبغي تحديد ما يفترض له من تكييـف
قانوني ان جاء على هذه الصورة أو تلك. وهذا ما سنتطرق اليه في الفرعين الآتيين.
الفرع الأول
ان يكون الشكل الاتفاقي مطلوباً للإثبات
في هذه الصورة من صور الاتفاق على الشكل، لا تكون هنالك أية إشكالية في تحديد
التكييف القانوني المفروض لهذا الشكل، لأنه لا يلتبس بأي حـال مـن الأحـوال بالـشكلية
المفروضة من قبل المشرع، اذ انه لا يحول- باعتباره وسيلة إثبات- دون إبرام التـصرف
القانوني، فالأخير يكون باتاً، وينعقد بمجرد اتفاق طرفيه على عناصره الجوهرية، كما فـي
(٣٤ (الاتفاق على المبيع والثمن في عقد البيع
، فانها كافية لاعتبار هذا العقد منعقد، وان لم يتم
مراعاة الشكل المتفق عليه، لان الأخير لا يعدوا ان يكون، هنا، مجرد التزام ناشيء عن عقد
(٣٥ (انعقد بالفعل، وهو التزام بالقيام بعمل
.
ومن هنا، نستنتج، بان الشكل الاتفاقي المطلوب للإثبات، لا دور لـه فـي تكـوين
وانعقاد العقد الذي يتضمنه، فهذا الأخير ينعقد ويكون ملزماً بـصرف النظـر عـن الوفـاء
بالالتزام الذي يمثله الشكل المذكور، وهو في هذا يختلف كلياً عن الشكل القانوني الذي ينص
(٣٦ .(عليه المشرع ويعد شرطاً جوهرياً لانعقاد التصرف القانوني الشكلي
الفرع الثاني
ان يكون الشكل الاتفاقي مشترطاً للانعقاد
وفي هذه الصورة لا نلمس اتفاق الطرفين على الشكل لمجرد الحصول علـى دليـل
للإثبات، كما سبق، وإنما يكون شرطاً لانعقاد العقد، أي تعليق انعقاد الأخيـر علـى شـرط
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
١٨
استيفاء الشكل المطلوب. واذا كان الأمر كذلك، فانه ولاشك يشتبه بالشكل القانوني، وتـصبح
مسألة تمييزه عن الأخير، في غاية الدقة، وفي الوقت الذي يجمع فيه الفقه علـى ان الـشكل
القانوني الذي يفرضه المشرع متميزاً بالكامل عن الشكل الاتفاقي المطلوب للإثبات، الا انـه
الى ان الشكل الاتفاقي المطلـوب (٣٧ (يختلف في النقطة مدار البحث، حيث يذهب جانب منه
شرطاً للانعقاد، يماثل من حيث تكييفه القانوني، الشكل المفروض من قبل المشرع، ويـؤدي
في نهاية المطاف الى التحول بالجانب الرضائي للتصرف الى الجانب الشكلي منـه. بينمـا
(٣٨ (ذهب جانب آخر
، الى نفي هذا التماثل وإقرار الاختلاف بين الشكلين.
ونحن نعتقد بان اتفاق الطرفين على شكلية مخصصة للانعقاد – أي ان عدم مراعاة هـذه
الشكلية المتفق عليها يؤدي الى عدم انعقاد العقد – ليس بالاتفاق المقبول على الاقـل مـن
وجهة النظر القانونية ، وتبرير هذا بان العقد ، رغم تأطيره باتفـاق علـى شـكلية خاصـة
تراعى لغرض انعقاده ، يبقى رضائياً ، وهذا النوع من العقود – أي العقـود الرضـائية –
تنعقد ويترتب عليها أثرها بمجرد حصول التراضي بين الطرفين ودون توقف هـذا ، علـى
(٣٩ ( استيفاء أمر آخر ، مع مراعاة توافر بقية اركان الانعقاد
. ومعنى هذا ، ان الطـرفين
يتوهمان عدم الانعقاد – في حالة عدم مراعاة الشكلية المخصصة للانعقاد والمتفـق عليهـا
بينهما – في حين يكون العقد قد انعقد بتوافر اركان انعقاده .
فالتصرف الرضائي يبقى رضائياً ، ولايمكن القول بتحويله الى تصرف شكلي لمجرد تقييد
والقول بغير هذا لـيس الا افراغـاً لـذلك التـصرف (٤٠ (انعقاده بشكلية يتفق عليها طرفاه
الرضائي من محتواه .
وعلى ما يبدو ، ان الجانب الاول من الفقه ، والذي ماثل بين الشكل الاتفـاقي المطلـوب
شرطاً للانعقاد ، وبين الشكل المفروض من قبل المشرع ، قد غلب جانـب حريـة التعاقـد
باعتبار ان العقد شريعة المتعاقدين ، على جانب الالزام القانوني الذي يتضمن بـان العقـد
(٤١ (ينعقد باتفاق طرفيه على المسائل الجوهرية
– أي اركان انعقاده – ومن غير المقبـول ،
اعتبار الشكل الاتفاقي عنصراً جوهرياً في العقد ،أي يصبح بالتالي ركناً من اركان انعقاده ،
وان كان هذا الامر منطبقاً على الشكل القانوني ، لان المشرع بارادته قد جعل الشكل ركنـاً
من اركان انعقاد العقد الشكلي ، الا ان الشكل الاتفاقي لاينطبق عليه ، حيث نعود الـى ذات
النقطة المحورية التي ابتدأنا منها ، وهي ان التصرف الرضائي ، يبقى رضائياً مع الاتفـاق
على الشكلية .
وبعد هذا الطرح الذي تقدمنا به ، ننكر على الطرفين امكانية الاتفاق على شـكلية خاصـة
يترتب على عدم استيفائها ، عدم انعقاد العقد ، وانما يبقى متاحاً امامهما الاتفاق على شـكلية
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
١٩
يحاط بها العقد دون المساس بانعقاده ، وان ما يمكن ان يرتبه عدم الايفـاء بـه ، جـزاءات
اخرى بعيدة عن بطلان العقد او عدم انعقاده ، وهذا ماسيتم التطرق اليه في المبحث القادم .
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٢٠
المبحث الثالث
الأثر المترتب على تخلف الشكل الاتفاقي
بعد ان فرغنا، في المبحثين السابقين، من تحديد المفهوم والتكييف القانونيين للـشكلية
الاتفاقية، ينبغي لنا ان نتوقف، في هذا الموضع، لتحديد ما يترتب من جزاء علـى تخلفهـا،
واذا كان البعض من الفقه ونصوص بعض التشريعات – رغم اننا لسنا مع هذا الامر- قـد
حددت جزاءاً يتمثل بالبطلان فيما اذا كان الشكل مطلوباً للانعقاد، فاننا يمكن ان نجـد فـي
الأحكام العامة للقانون المدني، جزاءات أخرى مختلفة. وهذا ما سيتم ايضاحه في المطلبـين
الآتيين.
المطلب الأول
بطلان التصرف كجزاء لتخلف الشكل الاتفاقي المشترط للانعقاد
ذهبت بعض التشريعات الى تقرير البطلان كجزاء قانوني مترتب على انتفاء الشكل
المتفق عليه بين الطرفين، ومنها قانون الموجبات والعقود اللبناني، حيث نـص فـي المـادة
(٢٢٠/٣ (منه سابقة الذكر.
وقريب من هذا، نص م (٦٦ (من القانون المدني الكويتي، حيث تذهب الـى انـه:-
"اذا اشترط المتعاقدان، لقيام العقد، إتباع شكل معين في إبرامه، فانه لا يجوز لأحدهما، بدون
رضاء الآخر، ان يتمسك بقيامه، مالم يأت في الشكل المتفق عليه".
ومن المؤكد ان جزاء البطلان لتخلف هذا النوع من الشكل الاتفاقي، والذي جاءت به
هذه التشريعات، إنما كان نتيجة المساواة بين هذا الشكل والشكل القـانوني الـذي يفرضـه
المشرع، في الأثر، اذ انه من المحتم ان يكون هذا البطلان هو الأثر المترتب علـى تخلـف
(٤٢ (الشكل القانوني
.
واذا كان الأمر كذلك، في البعض من التشريعات القانونية، فان ذات الاتجاه أقر بـه
(٤٣ (البعض من الفقه
، وقرارات القضاء
(٤٤)
.
والذي يبدو من تحليل هذا الاتجاه، بأنه لا يستقيم منطقاً مع ما تقضي بـه القواعـد
العامة من ان البطلان لا يترتب الا نتيجة لتخلف احد العناصر القانونيـة اللازمـة لإبـرام
التصرف، وهذه العناصر لا تتحدد الا من قبل المشرع وليس الأفـراد، وبالتـالي لا يمكـن
التسليم بإمكانية طرفي التصرف القانوني، الانتقال به من دائرة الرضائية الى دائرة الـشكلية
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٢١
من خلال اتفاق على شكلية خاصة، حتى وان تبين من ظاهر هذا الاتفاق، بان تلك الـشكلية
مشترطة لانعقاده لا لمجرد اثباته، لأنه نتيجة هذا الأمر ستحتم القول بـان الأفـراد يمكـنهم
إضافة عنصر آخر الى العناصر المشترطة لتمام التـصرف القـانوني، وان لـم يـشترطه
(٤٥ (المشرع
.
ولذا فنحن لانتفق مع من ذهب الى ترتيب البطلان جزاءاً لتخلف الشكل المـشترط
للانعقاد ، والافضل – من وجهة نظرنا – ان يتم معاملة هذا الشكل معاملة اخرى تفترق عن
( ٤٦ (تلك التي منحها القانون للشكل القانوني
. وهذا ماسيتم التطرق اليه في المطلب الثاني.
المطلب الثاني
جزاءات أخرى غير البطلان لتخلف الشكل الاتفاقي
لما كنا قد انتهينا في المطلب الثاني من المبحث السابق، الى ان الشكل الاتفـاقي قـد
يكون مطلوباً للإثبات، وقد يكون الغرض منه ، اعطاء العقد شكلية خاصة لاتكون مشروطة
لانعقاده، لذا فقد يكون من السهولة ان نجد الجزاء المناسب المترتب في حالة عـدم مراعـاة
الشكل المتفق عليه بين الطرفين اذا توجهنا صوب القواعد العامة، فاذا كـان هـذا الـشكل
يقتصر دوره في العقد على إثبات ما تم التعاقد عليه، فهو هنا لا يمثل سوى التزاماً بالقيـام
بعمل معين متولد عن عقد انعقد بالفعل، فاذا رفض احد المتعاقدين الوفاء به، كـان للآخـر
، وبما ان هذا الالتزام لايمكن تنفيذه جبراً، فان للمتعاقد الـذي (٤٧ (إجباره على تنفيذه قضاءاً
يرغب في استيفاء الشكل المتفق عليه، ان يطلب من المحكمة إصدار حكم بـصحة التعاقـد
يحل محل هذا الشكل
(٤٨)
.
واما في الفرض الثاني، ان كان الشكل الاتفاقي مقصوداً منه ان يتوقف انعقاد العقـد
على شرط استيفائه، فهنا تبدو الصورة أعقد قليلاً من الفرض السابق، في انـه فـي حالـة
الأخير يكون العقد منعقداً وما دور الشكل فيه الا مجرد كونه احد التزاماته، امـا فـي هـذا
الفرض فان العقد يكون متوقفاً باتفاق الطرفين على شرط استيفاء هذا الـشكل، كـأن يتفـق
البائع والمشتري في عقد بيع على انه لا ينعقد الا بمحرر رسمي، ففي مثـل هـذه الحالـة،
(٤٩ (يذهب البعض من الفقه
، الى ان مثل هكذا اتفاق لا يعدو ان يكون سوى مـشروع عقـد
غير ملزم، لان انعقاده معلق على استيفاء شرط الشكل المتفق عليه، وهو في مثالنا المطروح
يمثل المحرر الرسمي، ومادام هذا الشرط لم يتم استيفائه ، فان الاتفاق يكون غيـر ملـزم،
وبالتالي فان للطرفين حرية العدول عنه دون ان يكون لأحدهما حق إجبـار الآخـر علـى
(٥٠ (استيفاء هذا الشكل لكي يصل الى إبرام العقد المذكور
.
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٢٢
ومن ناحية أخرى، فانهما غير ملزمين بما ورد في اتفاقهما، غير الملزم، من شروط
اذا أقدما على إبرام العقد بصورة نهائية، ومن بينها، طبعاً، شرط الشكل المتفق عليه بينهمـا،
فاذا إبرام العقد دون مراعاة لهذا الشكل، أي ان عقد البيع انعقد بدون محرر رسـمي، فـلا
يكون، هنا، بمقدور احدهما التخلص من التزاماته المقررة بموجب هذا العقد الأخير بحجة ان
الشكل المتفق عليه- أي المحرر الرسمي- لم يراعى، وذلك لسببين:- الأول، ان هذا الشكل
لا يمثل شكلاً قانونياً، وبالتالي لا يوجب بطلان العقد الأصلي عند عدم مراعاتـه، لان هـذا
العقد إنما هو عقد رضائي بالرغم من تضمينه شرط الشكلية.
اما الثاني، فان الطرفين بإقدامهما على إبرام هذا العقد بدون مراعاة للشكل المتفـق
عليه، يكونان قد تنازلا عنه ضمناً، وهذا اتفاق ضمني من جانبهما ينسخ الاتفاق السابق على
الشكل.
وذات الأمر يمكن ان نراه متحققاً فيما لو روعي شرط الشكل- المحرر الرسـمي-،
ثم تبين بعد ذلك بان هذا الشكل قد جاء معيباً نتيجة عدم اسـتيفائه شـرطاً مـن شـروطه
القانونية، ومع هذا نفذ المتعاقدين التزاماتهما، فان هذا يمكن تفسيره علـى انـه اتفـاق مـن
جانبهما على ترك الشرط الذي علق عليه انعقاد العقد، وبالتالي لا يجوز لأي منهمـا، بعـد
هذا، التمسك بعدم انعقاده نتيجة عيب في الشكل المعلق عليه هذا الانعقاد.
واذا كان هذا هو رأي الفقه بالنسبة للاتفاق الذي لم يستوفى فيه شرط الـشكلية ، فـنحن ،
على العكس من هذا ، نعتقد – وكما سبق القول في ص من هذا البحث – بان العقـد الـذي
يتضمن شرط الشكل – وان كان الاخير مشترطاً بين الطرفين للانعقاد – هو عقد رضائي ،
وصفة رضائيته لايمكن نفيها وتحويلها الى صفة شكلية لمجرد افتراض وجود هـذا الـشكل
(٥١)
.
ومن ثم يكون حل هذه الاشكالية ، أي ترتيب الاثر المناسب في حالة عدم استيفائه ، عـن
طريق عدد من الاحتمالات ، وهي كالاتي :
الاحتمال الاول :-
ان يتفق كل من الطرفين على التنازل عن الشكل المشترط بينهما ، سواء كان هذا الاتفـاق
صريح ، او ضمني عن طريق تنفيـذ كـل منهمـا للعقـد دون مطالبـة الطـرف الاخـر
( ٥٢ (باستيفائه
، وهذا ما يعزز كلامنا بان العقد ما زال رضائياً ، وانه ينعقد بمجـرد تـوافر
اركان انعقاده دون توقف على استيفاء ، أمر آخر ، كما انه من باب آخر ، لايمكـن القـول
بان أمر انعقاد العقد او عدمه موكول الى ارادة الاطراف .
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٢٣
الاحتمال الثاني : ان يحدد الطرفان مسبقاً ، الجزاء الذي يترتب في حالة عدم تنفيذ احدهما
للشكل المشترط ، باستثناء جزاء عدم الانعقاد ، لذات السبب الذي أوضحناه فـي الاحتمـال
السابق ، وبالتالي يصبح من السهل تطبيق هذا الجزاء المحدد من قبل الطرفين .
الاحتمال الثالث : في حالة عدم تحديد الجزاء – كما في الاحتمال الثاني – وعـدم تنـازل
الطرفين عن المطالبة باستيفاء الشكل المشترط صراحة أو ضمناً – كما في الاحتمـال الاول
– فلا يبقى امامنا سوى النتيجة التي توصلنا اليها ، وهي اعتبار العقـد منعقـد ، ويـستطيع
صاحب المصلحة من الطرفين المطالبة قضاءاً : اما بالتعويض تأسيـساً علـى عـدم قيـام
الطرف الآخر بتنفيذ الشرط المتفق عليه ، او قيامه يتنفيذ هذا الشرط على حـساب الطـرف
المتنصل .
وبعد كل ما ذكرناه، لا يصح القول ببطلان التصرف نتيجة عدم مراعـاة الـشكلية
المتفق عليها، وكأننا أمام شكلية قانونية مفروضة من قبل المشرع، ذلك ان الأخيرة وحـدها
هي من يترتب البطلان جزاءاً لعدم مراعاتها.
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٢٤
الخاتمة
بعد ان فرغنا من كتابة بحثنا هذا، لا يسعنا، ونحن في نهايته، الا ان نضمن خاتمتـه
النتائج التي افرزها والتي توصلنا اليها من خلال التحليل والاستنتاج لما تم بحثه في موضوع
الشكلية الاتفاقية بالأضافة الى نتائج اخرى موجودة في طيات البحث. ومن ابرز تلك النتـائج
ما يأتي:-
أولاً:- وجدنا، وعلى خلاف ما اتجه اليه بعض الفقهاء، بان الشكل الاتفـاقي لـيس شـكلاً
بالمعنى القانوني، ذلك ان الأقرب- من وجهة نظرنا- هو ان الشكل بمفهومه الدقيق، لا
يتحقق الا في الإجراءات التي يفرض المشرع اتخاذهـا لإتمـام التـصرف القـانوني،
وبالتالي لا يمثل الا قيداً على إرادة المتصرف لايتمكن معه من اختيار وسـيلة التعبيـر
عنها، والا كانت عديمة الأثر.
ثانياً:- ان اتفاق طرفي العقد على شكلية خاصة، لا يمثل الا تطبيقاً خالصاً لمبدأ الرضـائية-
وهو الذي يحكم التصرفات القانونية-، لان للمتعاقدين، هنا، حرية اختيار الشكلية التـي
يعبران بها عن إرادتهما. اما الشكلية المفروضة من قبل المـشرع، فهـي لا تكـون الا
استثناءاً على المبدأ المذكور، وترد قيداً عليه.
ثالثاً:- وجدنا بان الشكل الاتفاقي المشروط للانعقاد ، لايمكن معه التعويل على الاثر ، الذي
يرتبه عدم استيفاءه ، أي لايمكن القول بتوقف انعقاد العقد – رغم كونه رضائياً توافرت
اركان انعقاده – نتيجة عدم استيفاء شكلية خاصة تم الاتفاق عليها بين طرفـي العقـد ،
والقول بخلاف هذا يجعل من السهل تحويل العقد الرضائي الى شكلي ، أي تمامـاً كمـا
يفرض المشرع من شكلية تجعل العقد باطلاً عند عدم استيفائها ، وهذا ما لايمكن قبولـه
كنتيجة في نطاق التصرفات الرضائية .
رابعاً:- وجدنا، لدى بحثنا في البطلان كجزاء مترتب نتيجة عدم تنفيذ الشكل الاتفاقي، بأنـه
جزاء لا يتناسب والقيمة القانونية لهذا الشكل، لان الأخير لا يمكن، من وجهة نظرنا، ان
يعد شكلاً قانونياً يتساوى في الأثر مع الشكل الذي يفرض من قبل المشرع، وبالتـالي لا
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٢٥
يمكن القول بالبطلان جزاءاً لتخلفه، وإنما يكون البطلان ناشئاً عن تخلف احد العناصـر
اللازمة لإبرام التصرف القانوني.
واخيراً، وبالاستناد الى هذه النتائج المذكورة، يظهر بأن موقف المشرع العراقي في
عدم ذكر الشكلية التي يتفق عليها الطرفان بنص خاص، كان غير مرجحاً، بـالرغم مـن ان
الأخيرة، وان كانت اتفاقاً له قيمته القانونية وآثاره التي لا يمكن بأي حـال مـن الأحـوال،
إغفالها، الا انها لا يمكن ان ترقى الى مرتبة الشكلية التي يتطلبهـا المـشرع فـي بعـض
التصرفات القانونية، والتي تؤدي عند إغفالها الى القول ببطلان هذه التصرفات.
ومع كل ما سبق قوله، نبادر الى ضرورة وجود نص قانوني يتضمن الإشارة الـى
هذه الاتفاقات، تكون الفيصل في حسم أي خلاف قد ينشأ نتيجة التشبيه الذي يـساوي تلـك،
بالاشكال التي يقتضيها المشرع، وبالتالي اعتبار البطلان جزاءاً لعدم مراعاتها من قبل احـد
طرفي الاتفاق.
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٢٦
الهوامش
١ -لويس معلوف ، المنجد في اللغة والاعلام ، ط١٧ ، المطبعة الكاثوليكية ، بيروت
.٣٩٨ص ، ١٩٧٣ ،
٢ -د. عبد الرشيد عبد الحافظ ، التصرف القانوني الـشكلي فـي الفقـه الاسـلامي
والقانون ، النهر الذهبي للطباعة والنشر ، القاهرة ،٢٠٠٠،ص٢٧.
٣ -د. جميل الشرقاوي، نظرية بطلان التصرف القانوني، مطبعة جامعـة القـاهرة،
.٣١٠ص،١٩٥٦
٤ -حسين عبد القادر معروف، فكرة الشكلية وتطبيقاتهـا فـي العقـود، أطروحـة
دكتوراه، كلية القانون، جامعة بغداد، ٢٠٠٤،ص٢.
٥ -نذير بن عمو ، العقود الخاصة – البيع والمعاوضـة - ، ط١ ، مركـز النـشر
الجامعي ، تونس ، ٢٠٠٨،ص٨٤.
٦ -د. وليم سليمان قلادة ، التعبير عن الارادة في القانون المدني المـصري ، ط١،
المطبعة التجارية ، القاهرة ،١٩٥٥ ، ص٨ . كذلك د. عبـد المجيـد الحكـيم ،
الوجيز في شرح القانون المدني العراقي ، ج١ ، مصادر الالتزام ، شركة الطبـع
والنشر الأهلية ، بغداد ،١٩٦٣ ، ص٥٤.
٧ -علي عبد العالي الاسدي ، النظام القانوني للشكل في قـانون المـرور ، بحـث
منشور فـي مجلـة جامعـة بابـل – العلـوم الانـسانية - ، مـج١٤ ، ع٢،
.٢٠٨ص،٢٠٠٧
٨ -انظر د. مصطفى محمد الجمال ، السعي الى التعاقد ، ط١ ، منشورات الحلبـي
الحقوقية ، بيروت ، ٢٠٠٢ ، ص١٩٣ . كذلك حسين عبد القادر معروف ، فكرة
الشكلية وتطبيقاتها في العقود ، مصدر سابق ، ص٩ ، ود. جميـل الـشرقاوي ،
مصدر سابق ، ص١٢٦.
٩ -نقلاً عن د. محمد وحيد الدين سوار ، الشكل في الفقـه الاسـلامي ، منـشورات
معهد الادارة العامة بالرياض ،السعودية ، ١٩٨٥،ص٣.
١٠-انظر د. سعدي اسماعيل البرزنجي ، ملاحظات نقدية في القانون المـدني ، دار
الكتب القانونية ، مصر ،٢٠١٠ ، ص٣٥-٣٧،كذلك محمد جمال عطية، الشكلية
القانونية، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة الزقازيق، ١٩٩٣،ص٢٠١.
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٢٧
١١-د. ياسر كامل الصيرفي، التصرف القانوني الشكلي في القانون المدني المعاصر،
القاهرة، ١٩٩٢،ص٣٢.
١٢-د. جميل الشرقاوي ، مصدر سابق ، ص١٢٦.
١٣-انظر د. انور سلطان ، الموجز في مـصادر الالتـزام ، منـشأة المعـارف ،
الاسكندرية ، ١٩٧٠ ، ص١٥.
١٤ -انظر بحث بعنوان (( العقود الـشكلية )) منـشور فـي الموقـع الالكترونـي
www.Moqatel .com :
١٥-د. عبد المجيد الحكيم ، مصدر سابق ، ص٤٠.
١٦-المستشار القانوني رائد خاص ، الشكلية في عقد البيع ، ٢٠٠٤ ، بحث منـشور
في الموقع الالكتروني :com .Majalisna.www
١٧-انظر د. طارق كاظم عجيل ، الوسيط في عقد البيع ، ج١– انعقاد العقـد -، دار
الحامد للنشر والتوزيع ، عمان ، ٢٠١٠، ص٣٠٠.
١٨-حسين عبد القادر معروف ، مصدر سابق ، ص٢٧ . انظر كذلك :
Planiol et Ripert, traité pratique de droit civil francais, les obligations,
T.VI, Paris, 1952,P .111.
١٩-د. جميل الشرقاوي ، مصدر سابق ، ص١٢٥ .
20- Jaeques Ghestim ,Traité de droit civil ,La formation du contrat ,
3 édition ,1993, P.391.
٢١-د. جميل الشرقاوي ، مصدر سابق ، ص١٢٦ ومابعدها.
٢٢-تجدر الإشارة، الى ان هنالك فارقاُ رئيسياً بين التصرف الرضـائي والتـصرف
الشكلي، هو ان الأول لايستلزم أكثر من التعبيـر عـن الإرادة، اذ ان الأخيـرة
ظاهرة معنوية لابد ان تجسد في شكل مادي كي تتمكن من إنتاج آثارها القانونية،
وهذا الشكل المادي لايمكن التمييز بينه وبين التعبير عن الإرادة التي هـي فـي
الأصل خفاء، وبذلك فان الشكل، هنا، يندمج في التعبير اندماجاً كلياً بحيـث انـه
لايمكن الحديث عن شكلية في التصرفات الرضائية، بينما التـصرف الـشكلي لا
يستلزم المشرع فيه مجرد التعبير عن الإرادة، وإنما يتطلب ان يكون هذا التعبير
في وضع معين مسبق التحديد، بحيث لا ينتج هذا التعبير آثاره القانونيـة، الا اذا
استوفى الشكل المفروض قانوناً. انظـر، ياسـر الـصيرفي، مـصدر سـابق،
ص٣٩.انظر كذلك من الفقه الفرنسي :
Durma (Mircea ) : La notification de La volonte ,Role de la notification
dans la formation des acts Juridiques , paris , siery ,1930 , p.193.
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٢٨
٢٣ -د. مصطفى الجمال ، مصدر سابق ، ص١٩٣ .
٢٤-د. ياسر كامل الصيرفي ، مصدر سابق ، ص٨٢.
٢٥-د.ياسر كامل الصيرفي ، دور القاضي في تكوين العقد ، دار النهضة العربيـة ،
القاهرة ، ٢٠٠٠ ، ص٤٨ ، وخلاف هذا أي ان الشكلية المشترطة للانعقاد لاتكون الا
باتفاق صريح ، انظر د. انور سلطان ، العقود المسماة – البيـع والمقايـضة – ط٢،
دار نشر الثقافة ، القاهرة ، ١٩٥٢ ، ص٩٩.
٢٦-انظر قرار لمحكمة النقض المصرية بتاريخ ١٩٧٨ والذي يـذهب الـى انـه :
(( يمكن استخلاص نية تعليق وجود البيع على تحرير العقد من ظروف الاتفاق ولو لم
ينص على ذلك صراحة )) . أشار اليه خلف محمد ، مجموعة المبادئ القانونية التـي
قررتها محكمة النقض المصرية ، الهيئة المصرية العامة للكتب ، ١٩٨٠ ، ص٢٠٩.
٢٧-د. ياسر كامل الصيرفي، التصرف القانوني الشكلي في القانون المدني المعاصر،
مصدر سابق ، ص٨٣.
٢٨-انظر ماسيأتي ذكره لاحقاً في ص من هذا البحث.
٢٩-انظر في قرار لمحكمة النقض الفرنسية صادر في عام ١٩٨٣ ، حيث يذهب الى
ان : (( الاصل في العقود ان تكون رضائية تتم بمجرد تطابق الايجاب مـع القبـول ،
الا في حالة وجود نص خاص يستلزم بعض الشكليات المحددة لصحة قيام العقد ، او
اتفاق طرفيه على ضرورة مراعاة بعض الشكليات المحددة )) ذكره د. محمـد علـي
عبده ،دور الشكل في العقود – دراسة مقارنة - ، ط١ ، بيروت ، ٢٠٠٧، ص١٢٧.
وواضح من هذا القرار ، انه ما دام الاصل هو رضائية العقود ، ففيمـا عـدا الـشكل
المنصوص عليه قانوناً ، والشكل المتفق على تحديده صراحة بين الاطـراف ، يعـد
الشكل الاتفاقي – غير المحدد دوره في العقد – معداً للاثبات وليس للانعقاد .
30-Jaeques Ghestim ,op.cit , p.392, Marcel Planiol et Géorge Ripert ,
Traité pratique de droit civil francais , 2 eme éd , paris ,1952,p.245
٣١-انظر هذا النص ، والذي يذهب الى انه : (( اذا اتفق المتعاقدان علـى ان يـستوفي
العقد شكلاً خاصاً لم يشترطه القانون ، فالمفروض عند الشك انهما لم يقصدا ان يلتزمـا الا
من الوقت الذي يستوفي فيه العقد الشكل المتفق عليه )) ، وقد جاء في المذكرة الايـضاحية
للمشروع التمهيدي بخصوص هذا الأمرانه : (( اذا اتفق المتعاقدان على وجـوب اسـتيفاء
شكل معين ، سواء أكان ذلك بمقتضى عقداً تمهيداً ، أم كان بمقتضى شرطاً معيناً في عقـد
أصلي . كما هو الشأن في اشتراط الكتابة في التنبيه بالاخلاء ، في عقود الايجار – فيفترض
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٢٩
ان نيتهما قد انصرفت الى ترتيب البطلان على عدم مراعاة هذا الشكل )) انظر ، مجموعـة
الاعمال التحضيرية ، ج٢ ، ص٧٣-٧٤.
٣٢-انظر من الفقه:- د. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في النظرية العامـة للالتزامـات،
ج١ ،القاهرة، ١٩٦٤ ،ص١٥١،د. أنور سلطان، مصدر سابق، ص٩٩ ،د. عبـد المـنعم
البدراوي، عقد البيع في القانون المدني، ط١ ،بلا مكان طبـع، ١٩٥٧ ،ص٨٤ ،د. عبـد
الفتاح عبد الباقي، موسوعة القانون المدني المصري- نظرية العقـد والإرادة المنفـردة-،
١٩٨٤ ،ص٣١ ،د. محمد كامل مرسي، شرح القانون المدني الجديد- العقود المـسماة-،
ج١ ،عقد البيع والمقايضة، ١٩٥٣ ،ص١١٣ .
٣٣ -انظر قرار لمحكمة النقض المصرية في ١٩٨٥ يـذهب الـى انـه:- "اذا اسـتخلص
القاضي من الأوراق، ان العاقدين لم يجعلا تحرير العقد الرسمي شرطاً لانعقاد البيع، بـل
هما قد علقا عليه انتقال الملكية الى المشتري، وبنى ذلك على اعتبارات مقبولة تبرره فـلا
معقب عليه في ذلك واذا تعذر على القاضي استخلاص نية الطرفين بـأن لـم يجـد فـي
الأوراق ما يرجح أحد القصدين، تعين اعتبار الكتابة مشروطة للإثبات فقـط لا للانعقـاد،
لان الأصل في العقود ان تكون رضائية، ولان المشرع لم يأخذ عندنا بالقرينة التي تجعل
اشتراط الكتابة مقصوداً به انعقاد العقد خلافاً للأصل". أشار اليه محمـد جمـال عطيـة ،
مصدر سابق ، ص٢١٠ .
٣٤ -د. صالح ناصر العتيبي، فكرة الجوهرية في العلاقة العقدية، رسالة دكتوراه، كلية
الحقوق، جامعة عين شمس، القاهرة، ٢٠٠١،ص٦٤ .
٣٥-د. ياسر الصيرفي – التصرف القانوني الشكلي ، مصدر سابق ، ص٨٧ .
٣٦-د. مصطفى الجمال ، مصدر سابق ، ص١٩٣ .
٣٧ -انظر من الفقه من ورد في الهامش ( ٣٢ ( وانظر كذلك معهم : د. عبـد الـودود
يحيى، الموجز في النظرية العامة للالتزامات، دار النهضة العربيـة، القـاهرة، ١٩٩٠،
ص٢٢ ، د. عبد المنعم فرج الصدة، مصادر الالتزام، دار النهضة العربيـة، القـاهرة،
Laroumet, Droit civil, T.III, Les انظـر ، الفرنسي الفقه ومن، ٣٣ص،١٩٩٢
obligations, 1986, p.510..
٣٨ -انظر:- د. جميل الشرقاوي، مصدر سابق، ص١٢٥ ،د. ياسر الصيرفي، التصرف
القانوني الشكلي، مصدر سابق، ص٩٠ ،د. مصطفى الجمال، مصدر سابق، ص٩٣ ،ومن
الفقه الفرنسي انظر:-
Planiol et Ripert et Esmein, Traité pratique de droit civil francais, T.
VI, Les obligations, Paris, 1952, p.142.
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٣٠
٣٩-انظر د. عباس الصراف وآخرون، مقدمة النظرية العامة لمفهوم الحـق الشخـصي
وتقسيمات العقود ، ط١ ، دار وائل للنشر ، الاردن ، ٢٠٠٥ ، ص٧٢ ، انظر كذلك مـن
الفقه الفرنسي :
Marty et raynaud , Droit civil , T.11,Les obligations,1962,p.44.
٤٠ -د. خالد ممدوح ابراهيم ، الشكلية في عقود الانترنيت ، ٢٠٠٩ ، بحث منـشور فـي
http/Kanoun /montada .htm.: الالكتروني الموقع
٤١-انظر نص م (٨٦/١ (من القانون المدني العراقي ، وتقابلها م (٩٥ (من القانون المـدني
المصري.
٤٢ -انظر م (٩٠/١ (من القانون المدني النافذ، حيث تذهب الى ان:- "اذا فـرض القـانون
شكلاُ معيناً للعقد، فلا ينعقد الا باستيفاء هذا الشكل، مالم يوجد نص بخلاف ذلك".
وانظر قرار لمحكمة التمييز برقم ٧/م١/٧٦ وتاريخ ٢٩/٤/٧٦ منشور في مجلة القضاء ،
س٣٢ ، ع٣ ، ١٩٧٧ ، والذي يذهب الى : (( ان عقد بيع العقار وان كان باطلاً لوقوعه
خارج دائرة التسجيل العقاري ، غير ان تسليم المبيع الى المـشتري وتـصرفه بـه دون
معارض او منازع طوال هذه المدة ، يعتبر اباحة له فـي التـصرف والاسـتغلال تمنـع
المطالبة بأجر المثل )).
اما القانون المدني المصري، فلم يتضمن نص يقرر قاعدة عامة في ترتيب البطلان جزاءاً
لتخلف الشكل في التصرفات الشكلية، الا انه مع هذا تضمن نصوصاً خاصة تقـر بـذلك،
كما في م (٤٨٨ (منه والمتعلقة بالهبة.
والحقيقة، ان تحديد جزاء تخلف الشكل الذي يفرض من قبل المشرع، لـم يكـن موضـع
اتفاق بين فقهاء القانون، فقد قرر البعض منهم انعدام التـصرف القـانوني كجـزاء لهـذا
التخلف، وحدد البعض الآخر جزاءاً يتمثل بالبطلان المطلق، ووضع القسم الثالـث مـنهم
جزاء البطلان النسبي، وقد استند عدم الاتفاق، هذا، الى اختلاف العيوب التـي يمكـن ان
تلحق التصرف القانوني وبدرجات متفاوتة من الأهمية. انظر في تفصيل ذلك، د. جميـل
الشرقاوي، مصدر سابق، ص٣٣٧.
٤٣-يذهب د. جلال العدوي في مؤلفه أصول الالتزامات الى انه:- "بالرغم من ان الشكل
الذي توجب الفقرة الثانية من المادة (١٠١ (من المجموعة المدنية المصرية، مراعاته فـي
عقد الوعد، هو الشكل الذي يتطلبه القانون في العقد الموعود به، فاننا نتردد كثيـراً فـي
قصر هذا الحكم على الشكل القانوني دون الشكل الاتفاقي... فالأقرب الـى الـصواب ان
يساوي في ذلك بين الشكل القانوني والشكل الاتفاقي..." انظر المؤلف المـذكور أصـول
الالتزامات مصادر الالتزام-، منشأة المعارف، الاسكندرية، ١٩٩٧ ،ص٣١٥ .انظر كذلك
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٣١
من الفقه من ساوى في الأثر بين الشكل القانوني والشكل الاتفاقي، وهو البطلان عند عـدم
مراعاة اياً منهما فيما لو كان الشكل الاتفاقي مشترطاً للانعقاد، راجع مـا ورد فـي هــ
.(٣٧ )
٤٤-انظر قرار محكمة الاستئناف المختلط في مصر بتاريخ ١٩٨٧ ،يقضي بان:- "العقود
الرضائية تتم بمجرد التراضي ما لم يكن المتعاقدان قد اتفقا على التعاقد بعقد رسـمي مـع
النص صراحة على انصراف نيتهما الى تعليق الارتباط على إتمام العقـد عـن طريـق
التوقيع عليه امام موثق العقود".اشار اليه د. مصطفى الجمال ، مصدر سابق ، ص١٩٤.
٤٥-انظر د. جميل الشرقاوي في مؤلفه نظرية بطلان التصرف القانوني، مـصدر سـابق،
ص١٢٥ ،حيث يذهب الى القول بأنه:- "لا يمكننا ان نسلم بان اتفاق المتعاقدين على إتمام
تعاقدهما بالكتابة ينتقل بالعقد من نطاق الرضائية الى نطاق الـشكلية، بمعنـى ان يعتبـر
الشكل عندئذ عنصراً من عناصر التصرف التي تم بها، ويترتب على تخلفه عيـب هـذا
التصرف وبطلانه كما لو كان الشكل مطلوباً بنص القانون، ذلك ان التـصرف القـانوني
كائن قانوني من اللازم ان تتحدد عناصره في قواعد القانون الخاصة بإنـشاء التـصرف
القانوني، وفي هذه القواعد نفسها حدد القانون أثر الإخلال بالعناصر التي اسـتلزمها فـي
التصرف، وهو البطلان".
٤٦-انظر بحث بعنوان ، العقد وآثاره القانونية ، ٢٠٠٤ ، منشور في الموقـع الالكترونـي
www.alriyadh.com:
٤٧ -انظر المادة (٢٥٠/١ (من القانون المدني العراقي والتي تنص على انه: (( في الالتزام
بعمل ، اذا لم يقم المدين بتنفيذ التزامه ولم يكن ضرورياً ان ينفذه بنفسه ، جاز للـدائن ان
يستأذن المحكمة في تنفيذ الالتزام على نفقة المدين ، اذا كان هذا التنفيذ ممكناً )).
٤٨ -د.عبد المجيد الحكيم ، مصدر سابق ، ج٢، احكام الالتزام ، ص٢٧، د. انور سلطان ،
مصدر سابق ، ص٩٩ .
٤٩ -د. انور سلطان ، مصدر سابق ، ص٩٩ ، د. محمد كامل مرسي ، مـصدر سـابق ،
ص١١٣ .
٥٠ -انظر د. ياسر الصيرفي ، مصدر سابق ، ص٩١ .
٥١ -انظر شريف النجار ، تقسيمات العقـود ، ٢٠٠٩ ، بحـث منـشور علـى الموقـع
www.Justice –Lawhom.com: الالكتروني
٥٢-انظر قرار لمحكمة التمييز في العراق ، والمرقم٢٠١/م٣/٨٣ بتـاريخ ٢٨/٢/١٩٨٣،
والمنشور في مجلة القضاء ، س٤٢ ، ع٢ ، ١٩٨٧ ، والذي يذهب الـى (( ان المحكمـة
ردت دعوى المدعي بحجة عدم وجود عقد ايجار مصدق من قبل دائرة ضريبة العقـار ،
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٣٢
بين الطرفين ، دون ان تلاحظ ان المدعي عليه كان قد اودع بدل الايجار لـدى الكاتـب
العدل ، وان المدعي استلم هذا البدل ، وهذا فيه دلالة كافية على وجود عقد ايجار شـفهي
بين الطرفين )) .
والمتمعن لهذا القرار ، يجد ان الشكلية المفترض استيفائها هي تصديق عقد الايجار لـدى
دائرة ضريبة العقار ، وان احد الطرفين بايداعه مبلغ الايجار لدى الكاتب العدل ، واستلام
الطرف الآخر له ، يعد تنازلاً من قبلهما ضمنياً عن استيفاء هذه الـشكلية ، لانهمـا قامـا
بتنفيذ هذا العقد دون مطالبة احدهما الآخر باستيفاءه .
كما ان الواضح من هذا القرار ، بان الشكلية المتفق عليها كانت للانعقاد ، بدليل ان بـدل
الايجار لم يكن مستلماً بعد ، أي لم يكن هنالك تنفيذ للعقد قبل استحصال الـشكلية المتفـق
عليها ، واخيراً فان الجملة الاخيرة للقرار وهي(( وجود عقد ايجار شفهي بين الطرفين ))
تؤيد ما توصلنا اليه من نتيجة بشأن اعتبار العقد – رغم الاتفاق على شـكلية خاصـة –
منعقد ، وان أمر تنفيذ هذه الشكلية يجدر بحثه كالتزام من التزامات العقد لا أثر لـه علـى
انعقاده .
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٣٣
قائمة المصادر
١ -د. أنور سلطان، العقود المسماة- البيع والمقايضة-، ط٢ ،دار نشر الثقافة القاهرة،
.١٩٥٢
٢ -د. انور سلطان ، الموجز في مصادر الالتزام ، منشأة المعارف ، الاسـكندرية ،
. ١٩٧٠
٣ -د. توفيق حسن فرج، القانون الروماني، بلا مطبعة، بيروت، ١٩٨٥.
٤ -جاك غستان، موسوعة القانون المدني- تكوين العقد، ط٣ ،بلا سنة طبع.
٥ -د. جلال العدوي، أصول الالتزامـات- مـصادر الالتـزام- منـشأة المعـارف،
الاسكندرية، ١٩٩٧.
٦ -د. جميل الشرقاوي، نظرية بطلان التصرف القانوني، مطبعـة جامعـة القـاهرة،
.١٩٥٦
٧ -حسين عبد القادر معروف، فكرة الشكلية وتطبيقاتها في العقود، أطروحة دكتـوراه،
كلية القانون، جامعة بغداد، ٢٠٠٤.
٨ -د. خالد ممدوح ابراهيم ، الشكلية في عقود الانترنيت ، ٢٠٠٩ ، بحث منشور فـي
http/Kanoun /montada .htm: الالكتروني الموقع
٩ -خلف محمد ، مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها محكمة الـنقض المـصرية ،
الهيئة المصرية العامة للكتب ، ١٩٨٠.
١٠-د. سعدي اسماعيل البرزنجي ، ملاحظات نقدية في القانون المـدني ، دار الكتـب
القانونية ، مصر ،٢٠١٠
١١-د. سليمان مرقس، نظرية العقد، دار النشر للجامعات المصرية، القاهرة، بلا سـنة
طبع.
١٢-د. صالح ناصر العتيبي، فكرة الجوهرية في العلاقة العقدية، رسالة دكتوراه، كليـة
الحقوق، جامعة عين شمس، القاهرة، ٢٠٠١.
١٣-د. طارق كاظم عجيل ، الوسيط في عقد البيع ، ج١ ، دار الحامد للنشر والتوزيع ،
عمان ، ٢٠١٠.
١٤-د. عباس الصراف وآخرون ، مقدمة النظرية العامـة لمفهـوم الحـق الشخـصي
وتقسيمات العقود ، ط١ ، دار الوائل للنشر ، الاردن ، ٢٠٠٥.
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٣٤
١٥-د. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في النظرية العامة للالتزامات، ج١ ،القـاهرة،
.١٩٦٤
١٦-د. عبد الرشيد عبد الحافظ ، التصرف القانوني الشكلي في الفقه الاسلامي والقانون
، النهر الذهبي للطباعة والنشر ، القاهرة ،٢٠٠٠.
١٧ -د. عبد الفتاح عبد الباقي، موسوعة القانون المدني المـصري- نظريـة العقـد
والإرادة المنفردة-، بلا مكان طبع، ١٩٨٤.
١٨ -د. عبد المجيد الحكم، الوجيز في شرح القانون المدني العراقي، ج١ ،مـصادر
الالتزام، شركة الطبع والنشر الأهلية، بغداد، ١٩٦٣.
١٩ -د. عبد المنعم فرج الصدة، مصادر الالتزام، دار النهـضة العربيـة، القـاهرة،
.١٩٩٢
٢٠ -د. عبد المنعم البدراوي، عقد البيع في القانون المدني، ط١ ،بلا مكـان طبـع،
.١٩٥٧
٢١ -د. عبد الودود يحيى، الموجز في النظرية العامـة للالتزامـات، دار النهـضة
العربية، القاهرة، ١٩٩٠.
٢٢ -علي عبد العالي الاسدي ، النظا القانوني للشكل في قانون المـرور ، بحـث
منشور في مجلة جامعة بابل – العلوم الانسانية - ، مج١٤ ، ع٢ ، ٢٠٠٧.
٢٣ -محمد جمال عطية، الشكلية القانونية، رسالة دكتوراه، كليـة الحقـوق، جامعـة
الزقازيق، ١٩٩٣.
٢٤ -د. محمد علي عبدة ، دور الشكل في العقود ، ط١ ، بيروت ، ٢٠٠٧ .
٢٥ -د. محمد كامل مرسي، شرح القانون المدني الجديد- العقود المسماة-، ج١ ،عقد
البيع والمقايضة، بلا مكان طبع، ١٩٥٣.
٢٦ -د. مصطفى محمد الجمال، السعي الى التعاقد، ط١ ،منشورات الحلبي الحقوقية،
بيروت، ٢٠٠٤.
٢٧ -د. محمد وحيد الدين سوار ، الشكل في الفقه الاسـلامي ، منـشورات معهـد
الادارة العامة بالرياض ،السعودية ، ١٩٨٥.
٢٨ -نذير بن عمو ، العقود الخاصة – البيع والمعارضة - ، ط١ ، مركـز النـشر
الجامعي ، تونس ، ٢٠٠٨.
٢٩ -د. نعمان محمد خليل جمعة، الحقوق العينية الأصـلية، دار النهـضة العربيـة،
القاهرة، ١٩٩٢.
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٣٥
٣٠ -د. وليم سليمان قلادة، التعبير عن الإرادة في القانون المـدني المـصري، ط١،
المطبعة التجارية، القاهرة، ١٩٥٥.
٣١ -د. ياسر كامل الصيرفي، التصرف القـانوني الـشكلي فـي القـانون المـدني
المعاصر، القاهرة، ١٩٩٢.
٣٢ -د. ياسر كامل الصيرفي، دور القاضي في تكوين العقد، دار النهـضة العربيـة،
.٢٠٠٠
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٣٦
المصادر باللغة الفرنسية
1- Laroumet, Droit civil, T.III, Les obligations, 1986.
2- Planiol et Ripert, traité pratique de droit civil francais, les
obligations, T.I, Paris, 1952.
3- Planiol et Ripert et Esmein, Traité pratique de droit civil francais,
T. VI, les obligations, Paris, 1952.
4- Jaeques Ghestim ,Traité de droit civil ,La formation du contrat , 3
édition ,1993.
5- Marty et raynaud , Droit civil , T.11,Les obligations,1962.
6- Durma (Mircea ) : La notification de La volonte ,Role de la
notification dans la formation des acts Juridiques , paris , siery
,1930.
7- Marcel Planiol et Géorger Ripert , Traité pratique de droit civil
francais , 2 eme éd , paris ,1952.
من المعلوم بان العقد ينشأ من تلاقي إرادتين –الإيجاب والقبول-، وان كـلاً منهمـا
تقتضي التعبير عنها لإظهارها من الخفاء الى المظهر المادي الملموس، وهذا التعبيـر عـن
الإرادة يتنازعه مبدآن:- مبدأ الرضائية والذي يعني منح الأفراد حرية اختيار التعبير الملائم
لإرادتهم، ومبدأ الشكلية وهو على النقيض من سابقه، ويعني إلزام الأفـراد بـشكل محـدد
للتعبير عن إرادتهم العقدية.
واذا كانت الرضائية تشكل القاعدة العامة التي تحكم التصرفات القانونية فـي الـنظم
القانونية الحديثة ، فان الشكلية أصبحت هي الاستثناء فيها، وقد اقتصرت على الاشكال التـي
فرض المشرع إتباعها لإنتاج التصرف آثاره القانونية، بحيث انها تشكل في مجملهـا قيـداً
على إرادة الأفراد لا يملكون إزاءها حرية الاختيار، ولا يكتمل التصرف القانوني بانعدامها.
الا انه قد يحدث ان يتفق الأفراد على إظهار إرادتهم في شكل خاص لـم يفرضـه
المشرع، ولا يخرج بالتصرف من نطاق الرضائية يطلق عليه الشكل الاتفـاقي، فهـل مـن
الممكن ان يحتل هذا الأخير ذات المكانة التي يحتلها الشكل القانوني – أي المفـروض مـن
قبل المشرع- ؟ وهل يمكن ان يقال عنه بأنه شكلاً بالمعنى القانوني؟
والحقيقة، ان هذه التساؤلات هي ما دعتنا الى طرح الموضوع على بساط البحـث.
وفي ظل عدم كفاية النصوص التشريعية التي عالجت هذا الموضوع، وعدم إحاطتهـا بمـا
يكفي لاستبعاد الغموض واللبس عنه واشتباهه بالشكلية القانونية، آثرنا الخوض في جوانبـه
ومن زواياه المتعددة للإحاطة بمعظم ما تتخلله من قواعد واحكام لها أهميتها فـي الجـانبين
النظري والعملي.
فعلى صعيد الجانب النظري، سبق وأشرنا الى ندرة النـصوص التـشريعية التـي
تصدت لمعالجة موضوع الشكلية المتفق عليها بين الطرفين، إضافة الى ان البعض من هـذه
النصوص قد عالجت موضوع البحث في ذات الموضع الذي عالجت فيه الشكلية القانونيـة،
كما انها قد أعطته ذات الحكم، وهذا ما سيتم مناقشته والتطرق اليه في موضعه من البحث.
اما على صعيد الجانب العملي، فكثيراً من الأحيان ما يحدث ان يتفق طرفا عقد على
إتيانه في شكلية خاصة قد تكون لغرض اثباته أو شرطاً لانعقاده، فاذا تنصل طرفاً منهما عن
مراعاته وتنفيذه، فهل ينهض هذا الأمر سبباً لبطلان العقد وعدم إنتاجه آثاره القانونية؟ أم انه
مما لا ينسحب على تأثير في العقد، ويمكن تنفيذ الأخير دون النظر الى الأول، على اعتبـار
انه مادام يشكل اتفاقاً فانه من الممكن التنازل عنه دون ان يؤثر علـى تنفيـذ العقـد الـذي
يتضمنه؟.
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٨
هذه التساؤلات، وغيرها، هي ما سيتم التعرض اليه في متن هذا البحث وفق منهجية
لا تقوم على المقارنة بين التشريعات القانونية، لان هذه المقارنـة تقتـضي تـأطير الفكـرة
تشريعياً، لأمكان، بعد هذا، عقد المقارنة، إنما تقوم منهجيتنا في هذا البحث علـى اسـتجلاء
لفكرة موضوعه، آملين من مشرعنا المدني تأطيرها في نص تشريعي على وفق مـا سـيتم
التوصل اليه من نتائج في ختامه.
اما الخطة التي رسمناها لبحث الموضوع، فتتلخص بالآتي:-
المبحث الأول: مفهوم الشكل الاتفاقي
المطلب الأول:- تحديد معنى الشكل الاتفاقي
المطلب الثاني:- تمييز الشكل الاتفاقي من الشكل القانوني
المبحث الثاني: التكيف القانوني للشكلية الاتفاقية
المطلب الأول:- تفسير اتفاق الطرفين على اشتراط الشكل
المطلب الثاني:- تحديد استلزام الشكل الاتفاقي
المبحث الثالث: الأثر المترتب على تخلف الشكل الاتفاقي
المطلب الأول:- بطلان التصرف كجزاء لتخلف الشكل الاتفاقي
المطلب الثاني:- جزاءات أخرى غير البطلان لتخلف الشكل الاتفاقي
الخاتمة
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٩
المبحث الأول
مفهوم الشكل الاتفاقي
في هذا المبحث سنحاول توضيح معنى هذا الشكل الاتفاقي، ثم نتطرق الى تمييزه عن الشكل
القانوني، وذلك في مطلبين كالآتي.
المطلب الأول
تحديد معنى الشكل الاتفاقي
قبل ان ندخل في بيان ما يعنيه الشكل الاتفاقي، يجدر بنـا اولاً، توضـيح المفهـوم
الدقيق للشكل باعتبار ان ما ستخلص إليه نتائج هذا المفهوم، سيبنى عليه ما اذا كان الـشكل
الذي يتفق عليه المتعاقدان – والذي نحن بصدد دراسته-، مما يدخل ضمن هذا المفهوم.
فالشكل في اللغة من شكلَّ الشيء : صوره ، وهو صورة الشيء المحسوسة أو المتوهمة ،
ويراد به غالباً ما كان من الهيئات
(١)
.
اما الشكل اصطلاحاً ، فقد أورد بعض الكتاب تعريفاً له تمخض في الغالب عن اعطـاءه
معنى الشكلية التي يستلزمها المشرع في بعض التصرفات القانونيـة ، لتفعيـل الارادة فـي
التوصل الى الأثر المنشود من ذلك التصرف ، فهو عبارة عن اسلوب محدد للتعبيـر عـن
(٢ (الارادة يفرض بصورة الزامية من قبل المشرع ،ويكون عنصراً اساسياً في انشاء العقد
،
(٣ (أو هو صورة خاصة من صور التعبير عن الارادة يفرضها المـشرع
، أو كونـه ذلـك
(٤ .(الاسلوب المحدد الذي يتعين ان يكون الرداء الذي تظهر به الارادة عند التعبير عن نفسها
وأخيراً قد تكون الشكلية المقصودة قانوناً ، هي التي يجازى غيابها بانعدام الأثـر القـانوني
(٥ (للتصرف
.
ويبدو مما ذكر ، بان الشكل يتصل بالتعبير عن الارادة ، لا بـالارادة ذاتهـا ، وذلـك ان
( ٦ (الاخيرة تعد امراً باطناً من كوامن النفس
، لايمكن التعـرف اليهـا الا باظهارهـا الـى
الوجود المادي بتعبير ما يصدر عن الشخص للدلالة عليها ، واذا كان الامر كـذلك ، فـان
اظهارها الى العالم الخارجي بشكل مادي محسوس ، هو ما يجعل بالامكان فهمها والتوصـل
الى مدى جديتها في الانصراف الى احداث أثر قانوني معين ، وماعـدا ذلـك ، فـان هـذه
(٧ (الارادة تبقى عديمة الأثر ما دامت كونها حقيقة نفسية باطنة
.
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
١٠
فهل ان كل تعبير بهذا المعنى ، يعد شكلاً بالمفهوم المطلوب الاستيضاح عنه – كما ذهبنـا
في مقدمة هذا المطلب - ، أم انه يتطلب ان يكون في صورة خاصة لهذا التعبير ، ولـيس
التعبير ذاته ؟
والحقيقة ان هذا الامر كان مثار خلاف فقهي كبير تمخـض عنـه اتجاهـان فـي الفقـه
المعاصر:
احدهما يرى بانه لايمكن تصور وجود شكلية ، الا اذا كان هنالك شكل محدد يجب التقيـد
(٨ (به ، وان التصرف لايعتبر شكلياً الا اذا تم التعبير عنه بشكلية مفروضـة
، وهـذا هـو
الاتجاه الذي يضيق من تلك الشكلية بحيث يقصر التصرف الشكلي على الارادة التـي تتخـذ
وضعاً خارجياً معيناً ، ومن مؤيدي هذا الاتجاه الفقيه ايرنـغ والـذي يـرى (( ان الـشكلية
تقتضي ان يكون هناك تنظيم وضعي يفرض شكلاً معيناً على التعبيـر عـن الارادة لـيس
(٩ (لصاحبه اختيار سواه ))
.
اما الاتجاه الآخر ، فهو الذي يوسع من مفهوم الشكلية ، حيث يرى ان التعبير عن الارادة
بحد ذاته هو شكلاً بالمعنى القانوني . واستند الكتاب
( ١٠)
، في اتجاههم هذا، الـى ان الإرادة
شيء خفي، لا يمكن تلمسها الا بطريق إظهارها الى الوجود المادي، وإظهارها هـذا لا يـتم
الا بالتعبير عنها، وهذا التعبير ما هو الا شكلاً للتصرف القانوني. وبالطبع، فان هذا التصور
للشكل لا يمكن التعويل عليه، لأنه سيقود الى القول بان جميع التصرفات القانونيـة شـكلية
مادام التعبير عن الإرادة فيها محتوماً بشكلية معينة تظهرها الى الوجود المادي.
واذا تيقنا، بان الشكل الاتفاقي- وهو محور دراستنا في هذا البحث- لا يعني سـوى
(١١ (اتفاق الأفراد على ضرورة إتيان تصرفهم في شكل محدد يتفقون عليه مقدماً
، فانه وفقـاً
للاتجاه الأخير- والذي يذهب الى ان كل تعبير عن الإرادة هو مظهـر شـكلي للتـصرف
القانوني- لا يكون الا شكلاً بالمعنى القانوني.
اما وفقاً للاتجاه الأول- والذي يرى بان الشكل بمعناه القانوني لا يكون الا مفروضاً
من قبل المشرع- فان الشكل الذي يرد باتفاق الطرفين لا يمكن عده شكلاً قانونياً، لان الشكل
(١٢ (القانوني إنما يتحدد بإرادة المشرع وليس بإرادة الأفراد
.
وجدير بالذكر ان الشكلية في القوانين القديمة وابرزها القـانون الرومـاني ، كانـت هـي
القاعدة العامة في اطار العقود ، اذ ان العقد في تلك القوانين كان يرتب أثره بمجرد اكمـال
( ١٣ (شكليته الخاصة بغض النظر عن الارادة التي انتجت هذا العقد
، اما القوانين الحديثـة ،
فقد تخلت في معظمها عن هذا المفهوم للشكلية المجردة ، فأصبحت الرضائية هـي القاعـدة
العامة في معظم التصرفات ، وما الشكلية الحتمية أو التي تحمل صفة الالـزام ، الا وضـعاً
(١٤ (فرضه المشرع في نطاق ضيق لغايات أو اعتبارات معينة
، وعلى الرغم من كونها في
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
١١
نطاق محدود ، الا انها ليست بشكلية مجردة – كما كان الامر في القوانين القديمة - ، بدليل
ان العقد الشكلي لاينعقد ولا يكون له من اساس لمجرد استيفاء الشكل ، بل لابد مـن تـوافر
( ١٥ (باقي الاركان العقدية والمتمثلة بالتراضي والمحل والسبب
.
واذا كانت الرضائية في القوانين الحديثة تكفي لانشاء العقد ، فان الـشكلية القانونيـة – او
المفروضة من قبل المشرع – لاتكون الا استثناءاً من قاعدة الرضائية المشار اليها ، بمعنـى
ان التراضي في العقد الشكلي ، لايكون كافياً لانتاج هذا العقد آثـاره القانونيـة ، بـل لابـد
للوصول الى هذه الآثار ان يأتي ذلك التراضي في صيغة معينة يحددها القانون ، ولايغنـي
(١٦ (عنها اتيانه في صيغة اخرى
.
نستنتج مما سبق ، بان الشكل الاتفاقي ليس شكلاً بالمعنى القانوني ولاينهض قيـداً علـى
ارادة المتصرف ، ذلك لان الشكل بمعناه القانوني لايكون الا مفروضاً من قبل المشرع وفي
بعض التصرفات القانونية
(١٧)
.
اما الشكل الذي يتفق عليه الافراد ، فهو ليس بالشكلية القانونية التي تنقـل التـصرف مـن
الرضائية الى الشكلية ، بل يبقى التصرف ، مع هذا ، رضائياً ولايخفى ، بعد هذا ، ما بـين
الشكلين من فوارق أو تمييز تحتم القول باختلاف كل منهما عن الآخر ، وهـذا مـا سـيتم
ايضاحه في المطلب القادم .
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
١٢
المطلب الثاني
تمييز الشكل الاتفاقي من الشكل القانوني
بعد ان أوردنا، في المطلب السابق،الاتجاهات الفقهية التي تناولت موضوع اعتبـار
الشكل الاتفاقي شكلاً بالمعنى القانوني، ورجحنا بدورنا الاتجاه الذي أنكر عليه هـذه الـصفة
القانونية، أصبح من المحتم علينا، بعد ترجيحنا هذا، إبراز الفوارق التي تجعل مـن الـشكل
الذي نحن بصدده يبتعد في معناه عن المعنى المفترض للشكلية القانونية.
ويمكننا إجمال تلك الفوارق بما يأتي:-
اولاً:- ان عناصر التصرف القانوني لا يمكن تحديدها الا من قبل المشرع، فالـشكلية التـي
يستلزمها الأخير لتكوين هذا التصرف تستهدف تحقيق مصلحة لطرفيه مما يمكن معهـا
تبرير خروجه عن الأصل العام في التصرفات وهي الرضائية، ومن غير المقبـول ولا
المعقول ان تمنح الإرادة مثل هذا الدور في تحديد تلك العناصر، مما يقـود فـي نهايـة
(١٨ (الأمر الى القول بالمساواة بين اثر الاتفاق وأثر القانون في تكوين التصرف
، ومن ثم
(١٩ (فسح المجال لإضافة عنصر جديد لصحة التصرف القانوني لم يستلزمه المشرع
.
نخلص، من هذا، بان الشكل الاتفاقي مصدره اتفاق طرفي التصرف، وهو لا يرقى، بأي
حال من الأحوال، الى مرتبة الشكل القانوني الذي يكون مصدره إرادة المشرع.
ثانياً:- ان صفة الإلزام لا تتحقق الا بالنسبة للشكل القانوني، بمعنـي ان طرفـي التـصرف
ملزمين بإتباع ما فرضه المشرع من شكلية خاصة بذلك التصرف، وفـي حالـة عـدم
إتباعها، فان هذا التصرف محكوم بالعدم
، اما بالنسبة للشكل الاتفاقي، فعلى العكس (٢٠(
من ذلك، يكون لطرفيه حرية العدول عنه متى شاؤوا مادامت إرادتهم قد قررته، بمعنى
انه لا يتوفر فيه عنصر الإلزام، اذ بإمكان من اشترطه التنازل عنه، ان صراحة باتفـاق
لاحق ينسخ الاتفاق السابق، أو افتراضاً من مجرد إتمام تنفيذ العقد أو حتى البـدء فـي
(٢١ (تنفيذه دون مراعاة الشكل المتفق عليه
.
ثالثاً:- ان الشكل المفروض من قبل المشرع- وهو الشكل القانوني بالمفهوم الـدقيق- يـرد
(٢٢ (قيداً على مبدأ الرضائية
، وهو المبدأ العام الذي يحكـم التـصرفات القانونيـة فـي
القوانين الحديثة، ويمكن اعتبار الشكل القانوني، هنا، استثناءاً من هـذا المبـدأ العـام،
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
١٣
والاستثناء، كما هو معروف، بأنه لا يجوز التوسع فيه، اما الشكل المتفـق عليـه بـين
الطرفين، فهو، على العكس، يعتبر تطبيقاً للمبدأ المذكور لا قيداً عليه، ذلك ان للمتعاقدين
حرية اختيار الشكل الذي يعبران به عن إرادتها، وان اختيارهما لـشكل مـن الأشـكال
(٢٣ (المتاحة، لا يعد الا تطبيقاً محضاً لمبدأ الرضائية
.
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
١٤
المبحث الثاني
التكييف القانوني للشكلية الاتفاقية
ان تحديد هذا التكييف للشكل الاتفاقي ، يقتضي منا معرفة ما انـصب عليـه قـصد
المتعاقدين من اشتراط هذا الشكل، أي ان كان مشروطاً لمجرد الإثبات، أو انه مما يـستلزمه
انعقاد العقد، وفي سبيل التوصل الى هذا القصد للمتعاقدين، ينبغي، مقـدماً، تفـسير الاتفـاق
الذي عقده الطرفان لاشتراط هذا الشكل. وسنأتي على تفـصيل مـا سـبق فـي المطلبـين
الآتيين:-
المطلب الأول
تفسير اتفاق الطرفين على اشتراط الشكل
ان اشتراط الشكل بين الطرفين قد يكون في صورة صريحة، وقد يكـون ضـمنياً،
، أي (٢٤ (وفي الحالة الأخيرة يجب ان يكون الطرفان قادرين على إثبات ما جاء في اتفـاقهم
ان على من يدعي وجوده ان يتمكن من إثبات دعاءه.
الا ان إثبات وجود مثل هكذا اتفاق، غير كاف لتحديد الأثر المترتب عليه، اذ يجب،
والحالة هذه، ان يرافقه تحديد القصد من اشتراطه، أي ان كان الاتفاق على جعله مجرد دليل
لإثبات العقد، أم عده شرطاً لانعقاده. والأمر هنا لا يتجاوز أحد فرضين سنتناولهما بالتتابع.
الفرض الأول:-
ان يكون الاطراف قد أوضحوا قصدهم من الشكل الذي اتفقوا عليه، سواء أكان معداً
للإثبات أم للانعقاد، وسواء كانوا قد عبروا عن قصدهم، هذا، صراحة أو ضـمناً، اذ لـيس
بالضرورة ان يكون التعبير صريحاً فيما اذا كان الشكل مقصوداً منه ان يكون شرطاً لانعقاد
(٢٥ (العقد
، وإنما المهم في هذا، سهولة استجلاء قصد المتعاقدين، وقد ذهبت الى تقرير هـذا
الأمر، بعض القرارات القضائية التي أفادت بإمكانية التعويل على الاتفـاق الـضمني علـى
(٢٦ (الشكل فيما اذا كان مطلوباً للانعقاد
.
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
١٥
ومن الواضح، بأن هذا الفرض لا تثور فيه أية مشكلة مادام القـصد مـن اشـتراط
الشكل الاتفاقي، فيه، واضحاً يمكن الاهتداء اليه بسهولة، وإنما يمكن ان تتـضح الإشـكالية،
هنا، في الفرض الثاني من هذا البحث، وهو ما سنتطرق اليه في الآتي:-
الفرض الثاني:-
ان يكون الاطراف قد اتفقوا على الشكل، وأهملوا إيضاح قصدهم من اشتراطه، كما
لو اتفقوا على إدراج العقد في محرر رسمي دون إيضاح القصد من جعله في هذه الـصيغة
الرسمية ان تكون مشروطة لإثباته أم لانعقاده.
وفي هذه الحالة، على القاضي ان يتحرى عن القصد المشترك لطرفـي العقـد مـن
اشترط الشكلية، وذلك بالرجوع الى بنود الاتفاق ذاته، والظروف والوقـائع التـي أحاطـت
(٢٧ (به
، فان استطاع الوصول الى هذا القصد المشترك فانه يجب أعماله طبقاً لقاعدة (العقـد
شريعة المتعاقدين)، وان كان لنا في هذا الموضع بالذات – أي اتفاق الطرفين علـى شـكلية
(٢٨ (خاصة للانعقاد –وقفة خاصة سنضمنها بحثنا لاحقاً
اما ان لم يستطع ذلك، ولـم يـتمكن
من تحديد حقيقة قصد الطرفين المشترك، هذا، فعليه ان يلجأ الى تطبيق حكم القانون في هذه
المسألة، وان لم يكن متاحاً، فالاستئناس بما هو سارٍ في الفقه والقضاء.
والحقيقة، ان بعض التشريعات القانونية، قد أوضـحت فـي نـصوصها، المعالجـة
المطلوبة لمثل تلك المسألة، وان لم تكن في تقديرنا، هي الاصوب، فمثلاً قـانون الموجبـات
والعقود اللبناني ، والذي ذهب ، على مايبدو ، الى اعتبار الشكل المشترط بـين الطـرفين ،
مطلوباً ، عند الشك ، للانعقاد ، لانه رتب عند تخلفه جزاءاً يتمثل بعدم انعقاد العقد ، حيـث
نصت م (٢٢٠/٣ (منه على انه : (( اذا اتفق المتعاقدان من جهة اخرى على وضـع العقـد
في صيغة خاصة لايوجبها القانون ، كالصيغة الخطية مثلاً ، فان العقـد لاينعقـد ولاينـتج
مفاعيله حتى بين المتعاقدين ، الا حينما يوضع في تلك الصيغة )).
وهناك تشريعات أخرى، لم يرد فيها نص يضع حداً فاصلاً لمثل تلك المسألة، فمـثلاً
القانون الفرنسي لا يوجد فيه مثل هذا النص، وينبغي، هنا، على القاضي الاسترشاد بموقـف
الفقه والقضاء. ويرى القضاء الفرنسي بان أعمال القواعد العامة بهذا الصدد يقضي باعتبـار
(٢٩ ( الشكل المتفق عليه بين الطرفين، عند الشك، مطلوباً للإثبات لا للانعقاد
كمـا ان الفقـه
(٣٠ (يؤيد هذا التوجه
.
وكذلك الأمر في التشريع المصري، اذ لم يتضمن القانون المدني نصاً يفيد في حـل
الإشكال المذكور، الا ان مشروع تنقيح القانون المدني، كان يحـوي نـصاً يعتبـر الـشكل
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
١٦
الاتفاقي، عند الشك، مطلوباً للانعقاد وليس لمجرد الإثبات، وهو نص المادة (١٤٩ (والـذي
(٣١ (تم حذفه فيما بعد من قبل لجنة المراجعة
.
وبالرغم من هذا، فان الفقه
(٣٢)
، والقضاء
(٣٣)
في مصر، يذهب الى ان الشكل المتفق
عليه بين الطرفين يكون معتبراً، عند الشك، للإثبات وليس للانعقاد، وذلك اعمـالاً للقواعـد
العامة، ولان الأصل في العقود الرضائية.
اما في التشريع العراقي، فلم نجد في القانون المدني نصاً يحكـم الـشكلية الاتفاقيـة
عموماً، ويمكن في هذا المجال، القياس على حكم المادة (٨٦/٢ (منه، والتي تذهب الى انه:-
"واذا اتفق الطرفان على جميع المسائل الجوهرية في العقد واحتفظا بمسائل تفصيلية يتفقـان
عليها فيما بعد، ولم يشترطا ان العقد يكون غير منعقد عند عدم الاتفاق على هذه المـسائل،
فيعتبر العقد قد تم، واذا قام خلاف على المسائل التي لم يتم الاتفاق عليهـا، فـان المحكمـة
تقضي فيها طبقاً لطبيعة الموضوع ولأحكام القانون والعرف والعدالة".
واذا صح القياس، هنا، فلا شك بان المسألة في القانون العراقي تأخذ ذات الحكم فـي
القانونين المصري والفرنسي، في ان أعمال القواعد العامة يقضي بتـرجيح كـون الـشكل
مطلوباً للإثبات وليس للانعقاد فيما اذا لم يكن ظاهراً من الاتفاق عده دليلاً لانعقاد العقد.
ومن وجهة نظرنا – إن ابتغينا ترجيح احد الموقفين - ، فان الشكلية المطلوبـة للانعقـاد
لاتغني عن كون العقد ما زال رضائياً ، أي لايمكن لاي من الطرفين – اسـتدلالاً باتفـاقهم
على شكلية معينة لم يتضح القصد منها انها مطلوبة للانعقاد – ايقاف اعمال العقـد لآثـاره
المنشودة منه ، ما دامت اركانه موجودة وفي مقدمتها التراضي بين الطرفين ، وهـذا كافيـاً
لانعقاده وانتاج آثاره ، وتبقى المسألة في نهاية الامر رهناً بالظروف والقرائن التـي ترافـق
انعقاد العقد ، والتي بالامكان الاستدلال منها عما كان يبتغيه الطرفان من اشـتراطهما لتلـك
الشكلية .
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
١٧
المطلب الثاني
تحديد استلزام الشكل الاتفاقي
انتهينا، في المطلب السابق، الى ان الشكل الاتفاقي قد يكون مطلوباً للإثبـات، وقـد
يعلق انعقاد العقد على شرط استيفائه، سواء تم التوصل الى هذا باتفاق الطرفين الـصريح أو
الضمني، أو تم استجلاء القصد من اشتراطه عن طريق اللجوء الى نص القانون أو القـضاء
في حالة عدم وضوح هذا القصد. وفي كل ما سبق، ينبغي تحديد ما يفترض له من تكييـف
قانوني ان جاء على هذه الصورة أو تلك. وهذا ما سنتطرق اليه في الفرعين الآتيين.
الفرع الأول
ان يكون الشكل الاتفاقي مطلوباً للإثبات
في هذه الصورة من صور الاتفاق على الشكل، لا تكون هنالك أية إشكالية في تحديد
التكييف القانوني المفروض لهذا الشكل، لأنه لا يلتبس بأي حـال مـن الأحـوال بالـشكلية
المفروضة من قبل المشرع، اذ انه لا يحول- باعتباره وسيلة إثبات- دون إبرام التـصرف
القانوني، فالأخير يكون باتاً، وينعقد بمجرد اتفاق طرفيه على عناصره الجوهرية، كما فـي
(٣٤ (الاتفاق على المبيع والثمن في عقد البيع
، فانها كافية لاعتبار هذا العقد منعقد، وان لم يتم
مراعاة الشكل المتفق عليه، لان الأخير لا يعدوا ان يكون، هنا، مجرد التزام ناشيء عن عقد
(٣٥ (انعقد بالفعل، وهو التزام بالقيام بعمل
.
ومن هنا، نستنتج، بان الشكل الاتفاقي المطلوب للإثبات، لا دور لـه فـي تكـوين
وانعقاد العقد الذي يتضمنه، فهذا الأخير ينعقد ويكون ملزماً بـصرف النظـر عـن الوفـاء
بالالتزام الذي يمثله الشكل المذكور، وهو في هذا يختلف كلياً عن الشكل القانوني الذي ينص
(٣٦ .(عليه المشرع ويعد شرطاً جوهرياً لانعقاد التصرف القانوني الشكلي
الفرع الثاني
ان يكون الشكل الاتفاقي مشترطاً للانعقاد
وفي هذه الصورة لا نلمس اتفاق الطرفين على الشكل لمجرد الحصول علـى دليـل
للإثبات، كما سبق، وإنما يكون شرطاً لانعقاد العقد، أي تعليق انعقاد الأخيـر علـى شـرط
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
١٨
استيفاء الشكل المطلوب. واذا كان الأمر كذلك، فانه ولاشك يشتبه بالشكل القانوني، وتـصبح
مسألة تمييزه عن الأخير، في غاية الدقة، وفي الوقت الذي يجمع فيه الفقه علـى ان الـشكل
القانوني الذي يفرضه المشرع متميزاً بالكامل عن الشكل الاتفاقي المطلوب للإثبات، الا انـه
الى ان الشكل الاتفاقي المطلـوب (٣٧ (يختلف في النقطة مدار البحث، حيث يذهب جانب منه
شرطاً للانعقاد، يماثل من حيث تكييفه القانوني، الشكل المفروض من قبل المشرع، ويـؤدي
في نهاية المطاف الى التحول بالجانب الرضائي للتصرف الى الجانب الشكلي منـه. بينمـا
(٣٨ (ذهب جانب آخر
، الى نفي هذا التماثل وإقرار الاختلاف بين الشكلين.
ونحن نعتقد بان اتفاق الطرفين على شكلية مخصصة للانعقاد – أي ان عدم مراعاة هـذه
الشكلية المتفق عليها يؤدي الى عدم انعقاد العقد – ليس بالاتفاق المقبول على الاقـل مـن
وجهة النظر القانونية ، وتبرير هذا بان العقد ، رغم تأطيره باتفـاق علـى شـكلية خاصـة
تراعى لغرض انعقاده ، يبقى رضائياً ، وهذا النوع من العقود – أي العقـود الرضـائية –
تنعقد ويترتب عليها أثرها بمجرد حصول التراضي بين الطرفين ودون توقف هـذا ، علـى
(٣٩ ( استيفاء أمر آخر ، مع مراعاة توافر بقية اركان الانعقاد
. ومعنى هذا ، ان الطـرفين
يتوهمان عدم الانعقاد – في حالة عدم مراعاة الشكلية المخصصة للانعقاد والمتفـق عليهـا
بينهما – في حين يكون العقد قد انعقد بتوافر اركان انعقاده .
فالتصرف الرضائي يبقى رضائياً ، ولايمكن القول بتحويله الى تصرف شكلي لمجرد تقييد
والقول بغير هذا لـيس الا افراغـاً لـذلك التـصرف (٤٠ (انعقاده بشكلية يتفق عليها طرفاه
الرضائي من محتواه .
وعلى ما يبدو ، ان الجانب الاول من الفقه ، والذي ماثل بين الشكل الاتفـاقي المطلـوب
شرطاً للانعقاد ، وبين الشكل المفروض من قبل المشرع ، قد غلب جانـب حريـة التعاقـد
باعتبار ان العقد شريعة المتعاقدين ، على جانب الالزام القانوني الذي يتضمن بـان العقـد
(٤١ (ينعقد باتفاق طرفيه على المسائل الجوهرية
– أي اركان انعقاده – ومن غير المقبـول ،
اعتبار الشكل الاتفاقي عنصراً جوهرياً في العقد ،أي يصبح بالتالي ركناً من اركان انعقاده ،
وان كان هذا الامر منطبقاً على الشكل القانوني ، لان المشرع بارادته قد جعل الشكل ركنـاً
من اركان انعقاد العقد الشكلي ، الا ان الشكل الاتفاقي لاينطبق عليه ، حيث نعود الـى ذات
النقطة المحورية التي ابتدأنا منها ، وهي ان التصرف الرضائي ، يبقى رضائياً مع الاتفـاق
على الشكلية .
وبعد هذا الطرح الذي تقدمنا به ، ننكر على الطرفين امكانية الاتفاق على شـكلية خاصـة
يترتب على عدم استيفائها ، عدم انعقاد العقد ، وانما يبقى متاحاً امامهما الاتفاق على شـكلية
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
١٩
يحاط بها العقد دون المساس بانعقاده ، وان ما يمكن ان يرتبه عدم الايفـاء بـه ، جـزاءات
اخرى بعيدة عن بطلان العقد او عدم انعقاده ، وهذا ماسيتم التطرق اليه في المبحث القادم .
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٢٠
المبحث الثالث
الأثر المترتب على تخلف الشكل الاتفاقي
بعد ان فرغنا، في المبحثين السابقين، من تحديد المفهوم والتكييف القانونيين للـشكلية
الاتفاقية، ينبغي لنا ان نتوقف، في هذا الموضع، لتحديد ما يترتب من جزاء علـى تخلفهـا،
واذا كان البعض من الفقه ونصوص بعض التشريعات – رغم اننا لسنا مع هذا الامر- قـد
حددت جزاءاً يتمثل بالبطلان فيما اذا كان الشكل مطلوباً للانعقاد، فاننا يمكن ان نجـد فـي
الأحكام العامة للقانون المدني، جزاءات أخرى مختلفة. وهذا ما سيتم ايضاحه في المطلبـين
الآتيين.
المطلب الأول
بطلان التصرف كجزاء لتخلف الشكل الاتفاقي المشترط للانعقاد
ذهبت بعض التشريعات الى تقرير البطلان كجزاء قانوني مترتب على انتفاء الشكل
المتفق عليه بين الطرفين، ومنها قانون الموجبات والعقود اللبناني، حيث نـص فـي المـادة
(٢٢٠/٣ (منه سابقة الذكر.
وقريب من هذا، نص م (٦٦ (من القانون المدني الكويتي، حيث تذهب الـى انـه:-
"اذا اشترط المتعاقدان، لقيام العقد، إتباع شكل معين في إبرامه، فانه لا يجوز لأحدهما، بدون
رضاء الآخر، ان يتمسك بقيامه، مالم يأت في الشكل المتفق عليه".
ومن المؤكد ان جزاء البطلان لتخلف هذا النوع من الشكل الاتفاقي، والذي جاءت به
هذه التشريعات، إنما كان نتيجة المساواة بين هذا الشكل والشكل القـانوني الـذي يفرضـه
المشرع، في الأثر، اذ انه من المحتم ان يكون هذا البطلان هو الأثر المترتب علـى تخلـف
(٤٢ (الشكل القانوني
.
واذا كان الأمر كذلك، في البعض من التشريعات القانونية، فان ذات الاتجاه أقر بـه
(٤٣ (البعض من الفقه
، وقرارات القضاء
(٤٤)
.
والذي يبدو من تحليل هذا الاتجاه، بأنه لا يستقيم منطقاً مع ما تقضي بـه القواعـد
العامة من ان البطلان لا يترتب الا نتيجة لتخلف احد العناصر القانونيـة اللازمـة لإبـرام
التصرف، وهذه العناصر لا تتحدد الا من قبل المشرع وليس الأفـراد، وبالتـالي لا يمكـن
التسليم بإمكانية طرفي التصرف القانوني، الانتقال به من دائرة الرضائية الى دائرة الـشكلية
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٢١
من خلال اتفاق على شكلية خاصة، حتى وان تبين من ظاهر هذا الاتفاق، بان تلك الـشكلية
مشترطة لانعقاده لا لمجرد اثباته، لأنه نتيجة هذا الأمر ستحتم القول بـان الأفـراد يمكـنهم
إضافة عنصر آخر الى العناصر المشترطة لتمام التـصرف القـانوني، وان لـم يـشترطه
(٤٥ (المشرع
.
ولذا فنحن لانتفق مع من ذهب الى ترتيب البطلان جزاءاً لتخلف الشكل المـشترط
للانعقاد ، والافضل – من وجهة نظرنا – ان يتم معاملة هذا الشكل معاملة اخرى تفترق عن
( ٤٦ (تلك التي منحها القانون للشكل القانوني
. وهذا ماسيتم التطرق اليه في المطلب الثاني.
المطلب الثاني
جزاءات أخرى غير البطلان لتخلف الشكل الاتفاقي
لما كنا قد انتهينا في المطلب الثاني من المبحث السابق، الى ان الشكل الاتفـاقي قـد
يكون مطلوباً للإثبات، وقد يكون الغرض منه ، اعطاء العقد شكلية خاصة لاتكون مشروطة
لانعقاده، لذا فقد يكون من السهولة ان نجد الجزاء المناسب المترتب في حالة عـدم مراعـاة
الشكل المتفق عليه بين الطرفين اذا توجهنا صوب القواعد العامة، فاذا كـان هـذا الـشكل
يقتصر دوره في العقد على إثبات ما تم التعاقد عليه، فهو هنا لا يمثل سوى التزاماً بالقيـام
بعمل معين متولد عن عقد انعقد بالفعل، فاذا رفض احد المتعاقدين الوفاء به، كـان للآخـر
، وبما ان هذا الالتزام لايمكن تنفيذه جبراً، فان للمتعاقد الـذي (٤٧ (إجباره على تنفيذه قضاءاً
يرغب في استيفاء الشكل المتفق عليه، ان يطلب من المحكمة إصدار حكم بـصحة التعاقـد
يحل محل هذا الشكل
(٤٨)
.
واما في الفرض الثاني، ان كان الشكل الاتفاقي مقصوداً منه ان يتوقف انعقاد العقـد
على شرط استيفائه، فهنا تبدو الصورة أعقد قليلاً من الفرض السابق، في انـه فـي حالـة
الأخير يكون العقد منعقداً وما دور الشكل فيه الا مجرد كونه احد التزاماته، امـا فـي هـذا
الفرض فان العقد يكون متوقفاً باتفاق الطرفين على شرط استيفاء هذا الـشكل، كـأن يتفـق
البائع والمشتري في عقد بيع على انه لا ينعقد الا بمحرر رسمي، ففي مثـل هـذه الحالـة،
(٤٩ (يذهب البعض من الفقه
، الى ان مثل هكذا اتفاق لا يعدو ان يكون سوى مـشروع عقـد
غير ملزم، لان انعقاده معلق على استيفاء شرط الشكل المتفق عليه، وهو في مثالنا المطروح
يمثل المحرر الرسمي، ومادام هذا الشرط لم يتم استيفائه ، فان الاتفاق يكون غيـر ملـزم،
وبالتالي فان للطرفين حرية العدول عنه دون ان يكون لأحدهما حق إجبـار الآخـر علـى
(٥٠ (استيفاء هذا الشكل لكي يصل الى إبرام العقد المذكور
.
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٢٢
ومن ناحية أخرى، فانهما غير ملزمين بما ورد في اتفاقهما، غير الملزم، من شروط
اذا أقدما على إبرام العقد بصورة نهائية، ومن بينها، طبعاً، شرط الشكل المتفق عليه بينهمـا،
فاذا إبرام العقد دون مراعاة لهذا الشكل، أي ان عقد البيع انعقد بدون محرر رسـمي، فـلا
يكون، هنا، بمقدور احدهما التخلص من التزاماته المقررة بموجب هذا العقد الأخير بحجة ان
الشكل المتفق عليه- أي المحرر الرسمي- لم يراعى، وذلك لسببين:- الأول، ان هذا الشكل
لا يمثل شكلاً قانونياً، وبالتالي لا يوجب بطلان العقد الأصلي عند عدم مراعاتـه، لان هـذا
العقد إنما هو عقد رضائي بالرغم من تضمينه شرط الشكلية.
اما الثاني، فان الطرفين بإقدامهما على إبرام هذا العقد بدون مراعاة للشكل المتفـق
عليه، يكونان قد تنازلا عنه ضمناً، وهذا اتفاق ضمني من جانبهما ينسخ الاتفاق السابق على
الشكل.
وذات الأمر يمكن ان نراه متحققاً فيما لو روعي شرط الشكل- المحرر الرسـمي-،
ثم تبين بعد ذلك بان هذا الشكل قد جاء معيباً نتيجة عدم اسـتيفائه شـرطاً مـن شـروطه
القانونية، ومع هذا نفذ المتعاقدين التزاماتهما، فان هذا يمكن تفسيره علـى انـه اتفـاق مـن
جانبهما على ترك الشرط الذي علق عليه انعقاد العقد، وبالتالي لا يجوز لأي منهمـا، بعـد
هذا، التمسك بعدم انعقاده نتيجة عيب في الشكل المعلق عليه هذا الانعقاد.
واذا كان هذا هو رأي الفقه بالنسبة للاتفاق الذي لم يستوفى فيه شرط الـشكلية ، فـنحن ،
على العكس من هذا ، نعتقد – وكما سبق القول في ص من هذا البحث – بان العقـد الـذي
يتضمن شرط الشكل – وان كان الاخير مشترطاً بين الطرفين للانعقاد – هو عقد رضائي ،
وصفة رضائيته لايمكن نفيها وتحويلها الى صفة شكلية لمجرد افتراض وجود هـذا الـشكل
(٥١)
.
ومن ثم يكون حل هذه الاشكالية ، أي ترتيب الاثر المناسب في حالة عدم استيفائه ، عـن
طريق عدد من الاحتمالات ، وهي كالاتي :
الاحتمال الاول :-
ان يتفق كل من الطرفين على التنازل عن الشكل المشترط بينهما ، سواء كان هذا الاتفـاق
صريح ، او ضمني عن طريق تنفيـذ كـل منهمـا للعقـد دون مطالبـة الطـرف الاخـر
( ٥٢ (باستيفائه
، وهذا ما يعزز كلامنا بان العقد ما زال رضائياً ، وانه ينعقد بمجـرد تـوافر
اركان انعقاده دون توقف على استيفاء ، أمر آخر ، كما انه من باب آخر ، لايمكـن القـول
بان أمر انعقاد العقد او عدمه موكول الى ارادة الاطراف .
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٢٣
الاحتمال الثاني : ان يحدد الطرفان مسبقاً ، الجزاء الذي يترتب في حالة عدم تنفيذ احدهما
للشكل المشترط ، باستثناء جزاء عدم الانعقاد ، لذات السبب الذي أوضحناه فـي الاحتمـال
السابق ، وبالتالي يصبح من السهل تطبيق هذا الجزاء المحدد من قبل الطرفين .
الاحتمال الثالث : في حالة عدم تحديد الجزاء – كما في الاحتمال الثاني – وعـدم تنـازل
الطرفين عن المطالبة باستيفاء الشكل المشترط صراحة أو ضمناً – كما في الاحتمـال الاول
– فلا يبقى امامنا سوى النتيجة التي توصلنا اليها ، وهي اعتبار العقـد منعقـد ، ويـستطيع
صاحب المصلحة من الطرفين المطالبة قضاءاً : اما بالتعويض تأسيـساً علـى عـدم قيـام
الطرف الآخر بتنفيذ الشرط المتفق عليه ، او قيامه يتنفيذ هذا الشرط على حـساب الطـرف
المتنصل .
وبعد كل ما ذكرناه، لا يصح القول ببطلان التصرف نتيجة عدم مراعـاة الـشكلية
المتفق عليها، وكأننا أمام شكلية قانونية مفروضة من قبل المشرع، ذلك ان الأخيرة وحـدها
هي من يترتب البطلان جزاءاً لعدم مراعاتها.
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٢٤
الخاتمة
بعد ان فرغنا من كتابة بحثنا هذا، لا يسعنا، ونحن في نهايته، الا ان نضمن خاتمتـه
النتائج التي افرزها والتي توصلنا اليها من خلال التحليل والاستنتاج لما تم بحثه في موضوع
الشكلية الاتفاقية بالأضافة الى نتائج اخرى موجودة في طيات البحث. ومن ابرز تلك النتـائج
ما يأتي:-
أولاً:- وجدنا، وعلى خلاف ما اتجه اليه بعض الفقهاء، بان الشكل الاتفـاقي لـيس شـكلاً
بالمعنى القانوني، ذلك ان الأقرب- من وجهة نظرنا- هو ان الشكل بمفهومه الدقيق، لا
يتحقق الا في الإجراءات التي يفرض المشرع اتخاذهـا لإتمـام التـصرف القـانوني،
وبالتالي لا يمثل الا قيداً على إرادة المتصرف لايتمكن معه من اختيار وسـيلة التعبيـر
عنها، والا كانت عديمة الأثر.
ثانياً:- ان اتفاق طرفي العقد على شكلية خاصة، لا يمثل الا تطبيقاً خالصاً لمبدأ الرضـائية-
وهو الذي يحكم التصرفات القانونية-، لان للمتعاقدين، هنا، حرية اختيار الشكلية التـي
يعبران بها عن إرادتهما. اما الشكلية المفروضة من قبل المـشرع، فهـي لا تكـون الا
استثناءاً على المبدأ المذكور، وترد قيداً عليه.
ثالثاً:- وجدنا بان الشكل الاتفاقي المشروط للانعقاد ، لايمكن معه التعويل على الاثر ، الذي
يرتبه عدم استيفاءه ، أي لايمكن القول بتوقف انعقاد العقد – رغم كونه رضائياً توافرت
اركان انعقاده – نتيجة عدم استيفاء شكلية خاصة تم الاتفاق عليها بين طرفـي العقـد ،
والقول بخلاف هذا يجعل من السهل تحويل العقد الرضائي الى شكلي ، أي تمامـاً كمـا
يفرض المشرع من شكلية تجعل العقد باطلاً عند عدم استيفائها ، وهذا ما لايمكن قبولـه
كنتيجة في نطاق التصرفات الرضائية .
رابعاً:- وجدنا، لدى بحثنا في البطلان كجزاء مترتب نتيجة عدم تنفيذ الشكل الاتفاقي، بأنـه
جزاء لا يتناسب والقيمة القانونية لهذا الشكل، لان الأخير لا يمكن، من وجهة نظرنا، ان
يعد شكلاً قانونياً يتساوى في الأثر مع الشكل الذي يفرض من قبل المشرع، وبالتـالي لا
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٢٥
يمكن القول بالبطلان جزاءاً لتخلفه، وإنما يكون البطلان ناشئاً عن تخلف احد العناصـر
اللازمة لإبرام التصرف القانوني.
واخيراً، وبالاستناد الى هذه النتائج المذكورة، يظهر بأن موقف المشرع العراقي في
عدم ذكر الشكلية التي يتفق عليها الطرفان بنص خاص، كان غير مرجحاً، بـالرغم مـن ان
الأخيرة، وان كانت اتفاقاً له قيمته القانونية وآثاره التي لا يمكن بأي حـال مـن الأحـوال،
إغفالها، الا انها لا يمكن ان ترقى الى مرتبة الشكلية التي يتطلبهـا المـشرع فـي بعـض
التصرفات القانونية، والتي تؤدي عند إغفالها الى القول ببطلان هذه التصرفات.
ومع كل ما سبق قوله، نبادر الى ضرورة وجود نص قانوني يتضمن الإشارة الـى
هذه الاتفاقات، تكون الفيصل في حسم أي خلاف قد ينشأ نتيجة التشبيه الذي يـساوي تلـك،
بالاشكال التي يقتضيها المشرع، وبالتالي اعتبار البطلان جزاءاً لعدم مراعاتها من قبل احـد
طرفي الاتفاق.
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٢٦
الهوامش
١ -لويس معلوف ، المنجد في اللغة والاعلام ، ط١٧ ، المطبعة الكاثوليكية ، بيروت
.٣٩٨ص ، ١٩٧٣ ،
٢ -د. عبد الرشيد عبد الحافظ ، التصرف القانوني الـشكلي فـي الفقـه الاسـلامي
والقانون ، النهر الذهبي للطباعة والنشر ، القاهرة ،٢٠٠٠،ص٢٧.
٣ -د. جميل الشرقاوي، نظرية بطلان التصرف القانوني، مطبعة جامعـة القـاهرة،
.٣١٠ص،١٩٥٦
٤ -حسين عبد القادر معروف، فكرة الشكلية وتطبيقاتهـا فـي العقـود، أطروحـة
دكتوراه، كلية القانون، جامعة بغداد، ٢٠٠٤،ص٢.
٥ -نذير بن عمو ، العقود الخاصة – البيع والمعاوضـة - ، ط١ ، مركـز النـشر
الجامعي ، تونس ، ٢٠٠٨،ص٨٤.
٦ -د. وليم سليمان قلادة ، التعبير عن الارادة في القانون المدني المـصري ، ط١،
المطبعة التجارية ، القاهرة ،١٩٥٥ ، ص٨ . كذلك د. عبـد المجيـد الحكـيم ،
الوجيز في شرح القانون المدني العراقي ، ج١ ، مصادر الالتزام ، شركة الطبـع
والنشر الأهلية ، بغداد ،١٩٦٣ ، ص٥٤.
٧ -علي عبد العالي الاسدي ، النظام القانوني للشكل في قـانون المـرور ، بحـث
منشور فـي مجلـة جامعـة بابـل – العلـوم الانـسانية - ، مـج١٤ ، ع٢،
.٢٠٨ص،٢٠٠٧
٨ -انظر د. مصطفى محمد الجمال ، السعي الى التعاقد ، ط١ ، منشورات الحلبـي
الحقوقية ، بيروت ، ٢٠٠٢ ، ص١٩٣ . كذلك حسين عبد القادر معروف ، فكرة
الشكلية وتطبيقاتها في العقود ، مصدر سابق ، ص٩ ، ود. جميـل الـشرقاوي ،
مصدر سابق ، ص١٢٦.
٩ -نقلاً عن د. محمد وحيد الدين سوار ، الشكل في الفقـه الاسـلامي ، منـشورات
معهد الادارة العامة بالرياض ،السعودية ، ١٩٨٥،ص٣.
١٠-انظر د. سعدي اسماعيل البرزنجي ، ملاحظات نقدية في القانون المـدني ، دار
الكتب القانونية ، مصر ،٢٠١٠ ، ص٣٥-٣٧،كذلك محمد جمال عطية، الشكلية
القانونية، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة الزقازيق، ١٩٩٣،ص٢٠١.
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٢٧
١١-د. ياسر كامل الصيرفي، التصرف القانوني الشكلي في القانون المدني المعاصر،
القاهرة، ١٩٩٢،ص٣٢.
١٢-د. جميل الشرقاوي ، مصدر سابق ، ص١٢٦.
١٣-انظر د. انور سلطان ، الموجز في مـصادر الالتـزام ، منـشأة المعـارف ،
الاسكندرية ، ١٩٧٠ ، ص١٥.
١٤ -انظر بحث بعنوان (( العقود الـشكلية )) منـشور فـي الموقـع الالكترونـي
www.Moqatel .com :
١٥-د. عبد المجيد الحكيم ، مصدر سابق ، ص٤٠.
١٦-المستشار القانوني رائد خاص ، الشكلية في عقد البيع ، ٢٠٠٤ ، بحث منـشور
في الموقع الالكتروني :com .Majalisna.www
١٧-انظر د. طارق كاظم عجيل ، الوسيط في عقد البيع ، ج١– انعقاد العقـد -، دار
الحامد للنشر والتوزيع ، عمان ، ٢٠١٠، ص٣٠٠.
١٨-حسين عبد القادر معروف ، مصدر سابق ، ص٢٧ . انظر كذلك :
Planiol et Ripert, traité pratique de droit civil francais, les obligations,
T.VI, Paris, 1952,P .111.
١٩-د. جميل الشرقاوي ، مصدر سابق ، ص١٢٥ .
20- Jaeques Ghestim ,Traité de droit civil ,La formation du contrat ,
3 édition ,1993, P.391.
٢١-د. جميل الشرقاوي ، مصدر سابق ، ص١٢٦ ومابعدها.
٢٢-تجدر الإشارة، الى ان هنالك فارقاُ رئيسياً بين التصرف الرضـائي والتـصرف
الشكلي، هو ان الأول لايستلزم أكثر من التعبيـر عـن الإرادة، اذ ان الأخيـرة
ظاهرة معنوية لابد ان تجسد في شكل مادي كي تتمكن من إنتاج آثارها القانونية،
وهذا الشكل المادي لايمكن التمييز بينه وبين التعبير عن الإرادة التي هـي فـي
الأصل خفاء، وبذلك فان الشكل، هنا، يندمج في التعبير اندماجاً كلياً بحيـث انـه
لايمكن الحديث عن شكلية في التصرفات الرضائية، بينما التـصرف الـشكلي لا
يستلزم المشرع فيه مجرد التعبير عن الإرادة، وإنما يتطلب ان يكون هذا التعبير
في وضع معين مسبق التحديد، بحيث لا ينتج هذا التعبير آثاره القانونيـة، الا اذا
استوفى الشكل المفروض قانوناً. انظـر، ياسـر الـصيرفي، مـصدر سـابق،
ص٣٩.انظر كذلك من الفقه الفرنسي :
Durma (Mircea ) : La notification de La volonte ,Role de la notification
dans la formation des acts Juridiques , paris , siery ,1930 , p.193.
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٢٨
٢٣ -د. مصطفى الجمال ، مصدر سابق ، ص١٩٣ .
٢٤-د. ياسر كامل الصيرفي ، مصدر سابق ، ص٨٢.
٢٥-د.ياسر كامل الصيرفي ، دور القاضي في تكوين العقد ، دار النهضة العربيـة ،
القاهرة ، ٢٠٠٠ ، ص٤٨ ، وخلاف هذا أي ان الشكلية المشترطة للانعقاد لاتكون الا
باتفاق صريح ، انظر د. انور سلطان ، العقود المسماة – البيـع والمقايـضة – ط٢،
دار نشر الثقافة ، القاهرة ، ١٩٥٢ ، ص٩٩.
٢٦-انظر قرار لمحكمة النقض المصرية بتاريخ ١٩٧٨ والذي يـذهب الـى انـه :
(( يمكن استخلاص نية تعليق وجود البيع على تحرير العقد من ظروف الاتفاق ولو لم
ينص على ذلك صراحة )) . أشار اليه خلف محمد ، مجموعة المبادئ القانونية التـي
قررتها محكمة النقض المصرية ، الهيئة المصرية العامة للكتب ، ١٩٨٠ ، ص٢٠٩.
٢٧-د. ياسر كامل الصيرفي، التصرف القانوني الشكلي في القانون المدني المعاصر،
مصدر سابق ، ص٨٣.
٢٨-انظر ماسيأتي ذكره لاحقاً في ص من هذا البحث.
٢٩-انظر في قرار لمحكمة النقض الفرنسية صادر في عام ١٩٨٣ ، حيث يذهب الى
ان : (( الاصل في العقود ان تكون رضائية تتم بمجرد تطابق الايجاب مـع القبـول ،
الا في حالة وجود نص خاص يستلزم بعض الشكليات المحددة لصحة قيام العقد ، او
اتفاق طرفيه على ضرورة مراعاة بعض الشكليات المحددة )) ذكره د. محمـد علـي
عبده ،دور الشكل في العقود – دراسة مقارنة - ، ط١ ، بيروت ، ٢٠٠٧، ص١٢٧.
وواضح من هذا القرار ، انه ما دام الاصل هو رضائية العقود ، ففيمـا عـدا الـشكل
المنصوص عليه قانوناً ، والشكل المتفق على تحديده صراحة بين الاطـراف ، يعـد
الشكل الاتفاقي – غير المحدد دوره في العقد – معداً للاثبات وليس للانعقاد .
30-Jaeques Ghestim ,op.cit , p.392, Marcel Planiol et Géorge Ripert ,
Traité pratique de droit civil francais , 2 eme éd , paris ,1952,p.245
٣١-انظر هذا النص ، والذي يذهب الى انه : (( اذا اتفق المتعاقدان علـى ان يـستوفي
العقد شكلاً خاصاً لم يشترطه القانون ، فالمفروض عند الشك انهما لم يقصدا ان يلتزمـا الا
من الوقت الذي يستوفي فيه العقد الشكل المتفق عليه )) ، وقد جاء في المذكرة الايـضاحية
للمشروع التمهيدي بخصوص هذا الأمرانه : (( اذا اتفق المتعاقدان على وجـوب اسـتيفاء
شكل معين ، سواء أكان ذلك بمقتضى عقداً تمهيداً ، أم كان بمقتضى شرطاً معيناً في عقـد
أصلي . كما هو الشأن في اشتراط الكتابة في التنبيه بالاخلاء ، في عقود الايجار – فيفترض
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٢٩
ان نيتهما قد انصرفت الى ترتيب البطلان على عدم مراعاة هذا الشكل )) انظر ، مجموعـة
الاعمال التحضيرية ، ج٢ ، ص٧٣-٧٤.
٣٢-انظر من الفقه:- د. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في النظرية العامـة للالتزامـات،
ج١ ،القاهرة، ١٩٦٤ ،ص١٥١،د. أنور سلطان، مصدر سابق، ص٩٩ ،د. عبـد المـنعم
البدراوي، عقد البيع في القانون المدني، ط١ ،بلا مكان طبـع، ١٩٥٧ ،ص٨٤ ،د. عبـد
الفتاح عبد الباقي، موسوعة القانون المدني المصري- نظرية العقـد والإرادة المنفـردة-،
١٩٨٤ ،ص٣١ ،د. محمد كامل مرسي، شرح القانون المدني الجديد- العقود المـسماة-،
ج١ ،عقد البيع والمقايضة، ١٩٥٣ ،ص١١٣ .
٣٣ -انظر قرار لمحكمة النقض المصرية في ١٩٨٥ يـذهب الـى انـه:- "اذا اسـتخلص
القاضي من الأوراق، ان العاقدين لم يجعلا تحرير العقد الرسمي شرطاً لانعقاد البيع، بـل
هما قد علقا عليه انتقال الملكية الى المشتري، وبنى ذلك على اعتبارات مقبولة تبرره فـلا
معقب عليه في ذلك واذا تعذر على القاضي استخلاص نية الطرفين بـأن لـم يجـد فـي
الأوراق ما يرجح أحد القصدين، تعين اعتبار الكتابة مشروطة للإثبات فقـط لا للانعقـاد،
لان الأصل في العقود ان تكون رضائية، ولان المشرع لم يأخذ عندنا بالقرينة التي تجعل
اشتراط الكتابة مقصوداً به انعقاد العقد خلافاً للأصل". أشار اليه محمـد جمـال عطيـة ،
مصدر سابق ، ص٢١٠ .
٣٤ -د. صالح ناصر العتيبي، فكرة الجوهرية في العلاقة العقدية، رسالة دكتوراه، كلية
الحقوق، جامعة عين شمس، القاهرة، ٢٠٠١،ص٦٤ .
٣٥-د. ياسر الصيرفي – التصرف القانوني الشكلي ، مصدر سابق ، ص٨٧ .
٣٦-د. مصطفى الجمال ، مصدر سابق ، ص١٩٣ .
٣٧ -انظر من الفقه من ورد في الهامش ( ٣٢ ( وانظر كذلك معهم : د. عبـد الـودود
يحيى، الموجز في النظرية العامة للالتزامات، دار النهضة العربيـة، القـاهرة، ١٩٩٠،
ص٢٢ ، د. عبد المنعم فرج الصدة، مصادر الالتزام، دار النهضة العربيـة، القـاهرة،
Laroumet, Droit civil, T.III, Les انظـر ، الفرنسي الفقه ومن، ٣٣ص،١٩٩٢
obligations, 1986, p.510..
٣٨ -انظر:- د. جميل الشرقاوي، مصدر سابق، ص١٢٥ ،د. ياسر الصيرفي، التصرف
القانوني الشكلي، مصدر سابق، ص٩٠ ،د. مصطفى الجمال، مصدر سابق، ص٩٣ ،ومن
الفقه الفرنسي انظر:-
Planiol et Ripert et Esmein, Traité pratique de droit civil francais, T.
VI, Les obligations, Paris, 1952, p.142.
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٣٠
٣٩-انظر د. عباس الصراف وآخرون، مقدمة النظرية العامة لمفهوم الحـق الشخـصي
وتقسيمات العقود ، ط١ ، دار وائل للنشر ، الاردن ، ٢٠٠٥ ، ص٧٢ ، انظر كذلك مـن
الفقه الفرنسي :
Marty et raynaud , Droit civil , T.11,Les obligations,1962,p.44.
٤٠ -د. خالد ممدوح ابراهيم ، الشكلية في عقود الانترنيت ، ٢٠٠٩ ، بحث منـشور فـي
http/Kanoun /montada .htm.: الالكتروني الموقع
٤١-انظر نص م (٨٦/١ (من القانون المدني العراقي ، وتقابلها م (٩٥ (من القانون المـدني
المصري.
٤٢ -انظر م (٩٠/١ (من القانون المدني النافذ، حيث تذهب الى ان:- "اذا فـرض القـانون
شكلاُ معيناً للعقد، فلا ينعقد الا باستيفاء هذا الشكل، مالم يوجد نص بخلاف ذلك".
وانظر قرار لمحكمة التمييز برقم ٧/م١/٧٦ وتاريخ ٢٩/٤/٧٦ منشور في مجلة القضاء ،
س٣٢ ، ع٣ ، ١٩٧٧ ، والذي يذهب الى : (( ان عقد بيع العقار وان كان باطلاً لوقوعه
خارج دائرة التسجيل العقاري ، غير ان تسليم المبيع الى المـشتري وتـصرفه بـه دون
معارض او منازع طوال هذه المدة ، يعتبر اباحة له فـي التـصرف والاسـتغلال تمنـع
المطالبة بأجر المثل )).
اما القانون المدني المصري، فلم يتضمن نص يقرر قاعدة عامة في ترتيب البطلان جزاءاً
لتخلف الشكل في التصرفات الشكلية، الا انه مع هذا تضمن نصوصاً خاصة تقـر بـذلك،
كما في م (٤٨٨ (منه والمتعلقة بالهبة.
والحقيقة، ان تحديد جزاء تخلف الشكل الذي يفرض من قبل المشرع، لـم يكـن موضـع
اتفاق بين فقهاء القانون، فقد قرر البعض منهم انعدام التـصرف القـانوني كجـزاء لهـذا
التخلف، وحدد البعض الآخر جزاءاً يتمثل بالبطلان المطلق، ووضع القسم الثالـث مـنهم
جزاء البطلان النسبي، وقد استند عدم الاتفاق، هذا، الى اختلاف العيوب التـي يمكـن ان
تلحق التصرف القانوني وبدرجات متفاوتة من الأهمية. انظر في تفصيل ذلك، د. جميـل
الشرقاوي، مصدر سابق، ص٣٣٧.
٤٣-يذهب د. جلال العدوي في مؤلفه أصول الالتزامات الى انه:- "بالرغم من ان الشكل
الذي توجب الفقرة الثانية من المادة (١٠١ (من المجموعة المدنية المصرية، مراعاته فـي
عقد الوعد، هو الشكل الذي يتطلبه القانون في العقد الموعود به، فاننا نتردد كثيـراً فـي
قصر هذا الحكم على الشكل القانوني دون الشكل الاتفاقي... فالأقرب الـى الـصواب ان
يساوي في ذلك بين الشكل القانوني والشكل الاتفاقي..." انظر المؤلف المـذكور أصـول
الالتزامات مصادر الالتزام-، منشأة المعارف، الاسكندرية، ١٩٩٧ ،ص٣١٥ .انظر كذلك
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٣١
من الفقه من ساوى في الأثر بين الشكل القانوني والشكل الاتفاقي، وهو البطلان عند عـدم
مراعاة اياً منهما فيما لو كان الشكل الاتفاقي مشترطاً للانعقاد، راجع مـا ورد فـي هــ
.(٣٧ )
٤٤-انظر قرار محكمة الاستئناف المختلط في مصر بتاريخ ١٩٨٧ ،يقضي بان:- "العقود
الرضائية تتم بمجرد التراضي ما لم يكن المتعاقدان قد اتفقا على التعاقد بعقد رسـمي مـع
النص صراحة على انصراف نيتهما الى تعليق الارتباط على إتمام العقـد عـن طريـق
التوقيع عليه امام موثق العقود".اشار اليه د. مصطفى الجمال ، مصدر سابق ، ص١٩٤.
٤٥-انظر د. جميل الشرقاوي في مؤلفه نظرية بطلان التصرف القانوني، مـصدر سـابق،
ص١٢٥ ،حيث يذهب الى القول بأنه:- "لا يمكننا ان نسلم بان اتفاق المتعاقدين على إتمام
تعاقدهما بالكتابة ينتقل بالعقد من نطاق الرضائية الى نطاق الـشكلية، بمعنـى ان يعتبـر
الشكل عندئذ عنصراً من عناصر التصرف التي تم بها، ويترتب على تخلفه عيـب هـذا
التصرف وبطلانه كما لو كان الشكل مطلوباً بنص القانون، ذلك ان التـصرف القـانوني
كائن قانوني من اللازم ان تتحدد عناصره في قواعد القانون الخاصة بإنـشاء التـصرف
القانوني، وفي هذه القواعد نفسها حدد القانون أثر الإخلال بالعناصر التي اسـتلزمها فـي
التصرف، وهو البطلان".
٤٦-انظر بحث بعنوان ، العقد وآثاره القانونية ، ٢٠٠٤ ، منشور في الموقـع الالكترونـي
www.alriyadh.com:
٤٧ -انظر المادة (٢٥٠/١ (من القانون المدني العراقي والتي تنص على انه: (( في الالتزام
بعمل ، اذا لم يقم المدين بتنفيذ التزامه ولم يكن ضرورياً ان ينفذه بنفسه ، جاز للـدائن ان
يستأذن المحكمة في تنفيذ الالتزام على نفقة المدين ، اذا كان هذا التنفيذ ممكناً )).
٤٨ -د.عبد المجيد الحكيم ، مصدر سابق ، ج٢، احكام الالتزام ، ص٢٧، د. انور سلطان ،
مصدر سابق ، ص٩٩ .
٤٩ -د. انور سلطان ، مصدر سابق ، ص٩٩ ، د. محمد كامل مرسي ، مـصدر سـابق ،
ص١١٣ .
٥٠ -انظر د. ياسر الصيرفي ، مصدر سابق ، ص٩١ .
٥١ -انظر شريف النجار ، تقسيمات العقـود ، ٢٠٠٩ ، بحـث منـشور علـى الموقـع
www.Justice –Lawhom.com: الالكتروني
٥٢-انظر قرار لمحكمة التمييز في العراق ، والمرقم٢٠١/م٣/٨٣ بتـاريخ ٢٨/٢/١٩٨٣،
والمنشور في مجلة القضاء ، س٤٢ ، ع٢ ، ١٩٨٧ ، والذي يذهب الـى (( ان المحكمـة
ردت دعوى المدعي بحجة عدم وجود عقد ايجار مصدق من قبل دائرة ضريبة العقـار ،
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٣٢
بين الطرفين ، دون ان تلاحظ ان المدعي عليه كان قد اودع بدل الايجار لـدى الكاتـب
العدل ، وان المدعي استلم هذا البدل ، وهذا فيه دلالة كافية على وجود عقد ايجار شـفهي
بين الطرفين )) .
والمتمعن لهذا القرار ، يجد ان الشكلية المفترض استيفائها هي تصديق عقد الايجار لـدى
دائرة ضريبة العقار ، وان احد الطرفين بايداعه مبلغ الايجار لدى الكاتب العدل ، واستلام
الطرف الآخر له ، يعد تنازلاً من قبلهما ضمنياً عن استيفاء هذه الـشكلية ، لانهمـا قامـا
بتنفيذ هذا العقد دون مطالبة احدهما الآخر باستيفاءه .
كما ان الواضح من هذا القرار ، بان الشكلية المتفق عليها كانت للانعقاد ، بدليل ان بـدل
الايجار لم يكن مستلماً بعد ، أي لم يكن هنالك تنفيذ للعقد قبل استحصال الـشكلية المتفـق
عليها ، واخيراً فان الجملة الاخيرة للقرار وهي(( وجود عقد ايجار شفهي بين الطرفين ))
تؤيد ما توصلنا اليه من نتيجة بشأن اعتبار العقد – رغم الاتفاق على شـكلية خاصـة –
منعقد ، وان أمر تنفيذ هذه الشكلية يجدر بحثه كالتزام من التزامات العقد لا أثر لـه علـى
انعقاده .
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٣٣
قائمة المصادر
١ -د. أنور سلطان، العقود المسماة- البيع والمقايضة-، ط٢ ،دار نشر الثقافة القاهرة،
.١٩٥٢
٢ -د. انور سلطان ، الموجز في مصادر الالتزام ، منشأة المعارف ، الاسـكندرية ،
. ١٩٧٠
٣ -د. توفيق حسن فرج، القانون الروماني، بلا مطبعة، بيروت، ١٩٨٥.
٤ -جاك غستان، موسوعة القانون المدني- تكوين العقد، ط٣ ،بلا سنة طبع.
٥ -د. جلال العدوي، أصول الالتزامـات- مـصادر الالتـزام- منـشأة المعـارف،
الاسكندرية، ١٩٩٧.
٦ -د. جميل الشرقاوي، نظرية بطلان التصرف القانوني، مطبعـة جامعـة القـاهرة،
.١٩٥٦
٧ -حسين عبد القادر معروف، فكرة الشكلية وتطبيقاتها في العقود، أطروحة دكتـوراه،
كلية القانون، جامعة بغداد، ٢٠٠٤.
٨ -د. خالد ممدوح ابراهيم ، الشكلية في عقود الانترنيت ، ٢٠٠٩ ، بحث منشور فـي
http/Kanoun /montada .htm: الالكتروني الموقع
٩ -خلف محمد ، مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها محكمة الـنقض المـصرية ،
الهيئة المصرية العامة للكتب ، ١٩٨٠.
١٠-د. سعدي اسماعيل البرزنجي ، ملاحظات نقدية في القانون المـدني ، دار الكتـب
القانونية ، مصر ،٢٠١٠
١١-د. سليمان مرقس، نظرية العقد، دار النشر للجامعات المصرية، القاهرة، بلا سـنة
طبع.
١٢-د. صالح ناصر العتيبي، فكرة الجوهرية في العلاقة العقدية، رسالة دكتوراه، كليـة
الحقوق، جامعة عين شمس، القاهرة، ٢٠٠١.
١٣-د. طارق كاظم عجيل ، الوسيط في عقد البيع ، ج١ ، دار الحامد للنشر والتوزيع ،
عمان ، ٢٠١٠.
١٤-د. عباس الصراف وآخرون ، مقدمة النظرية العامـة لمفهـوم الحـق الشخـصي
وتقسيمات العقود ، ط١ ، دار الوائل للنشر ، الاردن ، ٢٠٠٥.
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٣٤
١٥-د. عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في النظرية العامة للالتزامات، ج١ ،القـاهرة،
.١٩٦٤
١٦-د. عبد الرشيد عبد الحافظ ، التصرف القانوني الشكلي في الفقه الاسلامي والقانون
، النهر الذهبي للطباعة والنشر ، القاهرة ،٢٠٠٠.
١٧ -د. عبد الفتاح عبد الباقي، موسوعة القانون المدني المـصري- نظريـة العقـد
والإرادة المنفردة-، بلا مكان طبع، ١٩٨٤.
١٨ -د. عبد المجيد الحكم، الوجيز في شرح القانون المدني العراقي، ج١ ،مـصادر
الالتزام، شركة الطبع والنشر الأهلية، بغداد، ١٩٦٣.
١٩ -د. عبد المنعم فرج الصدة، مصادر الالتزام، دار النهـضة العربيـة، القـاهرة،
.١٩٩٢
٢٠ -د. عبد المنعم البدراوي، عقد البيع في القانون المدني، ط١ ،بلا مكـان طبـع،
.١٩٥٧
٢١ -د. عبد الودود يحيى، الموجز في النظرية العامـة للالتزامـات، دار النهـضة
العربية، القاهرة، ١٩٩٠.
٢٢ -علي عبد العالي الاسدي ، النظا القانوني للشكل في قانون المـرور ، بحـث
منشور في مجلة جامعة بابل – العلوم الانسانية - ، مج١٤ ، ع٢ ، ٢٠٠٧.
٢٣ -محمد جمال عطية، الشكلية القانونية، رسالة دكتوراه، كليـة الحقـوق، جامعـة
الزقازيق، ١٩٩٣.
٢٤ -د. محمد علي عبدة ، دور الشكل في العقود ، ط١ ، بيروت ، ٢٠٠٧ .
٢٥ -د. محمد كامل مرسي، شرح القانون المدني الجديد- العقود المسماة-، ج١ ،عقد
البيع والمقايضة، بلا مكان طبع، ١٩٥٣.
٢٦ -د. مصطفى محمد الجمال، السعي الى التعاقد، ط١ ،منشورات الحلبي الحقوقية،
بيروت، ٢٠٠٤.
٢٧ -د. محمد وحيد الدين سوار ، الشكل في الفقه الاسـلامي ، منـشورات معهـد
الادارة العامة بالرياض ،السعودية ، ١٩٨٥.
٢٨ -نذير بن عمو ، العقود الخاصة – البيع والمعارضة - ، ط١ ، مركـز النـشر
الجامعي ، تونس ، ٢٠٠٨.
٢٩ -د. نعمان محمد خليل جمعة، الحقوق العينية الأصـلية، دار النهـضة العربيـة،
القاهرة، ١٩٩٢.
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٣٥
٣٠ -د. وليم سليمان قلادة، التعبير عن الإرادة في القانون المـدني المـصري، ط١،
المطبعة التجارية، القاهرة، ١٩٥٥.
٣١ -د. ياسر كامل الصيرفي، التصرف القـانوني الـشكلي فـي القـانون المـدني
المعاصر، القاهرة، ١٩٩٢.
٣٢ -د. ياسر كامل الصيرفي، دور القاضي في تكوين العقد، دار النهـضة العربيـة،
.٢٠٠٠
د.وسن قاسم غني الشكلية الاتفاقية في العقود
٣٦
المصادر باللغة الفرنسية
1- Laroumet, Droit civil, T.III, Les obligations, 1986.
2- Planiol et Ripert, traité pratique de droit civil francais, les
obligations, T.I, Paris, 1952.
3- Planiol et Ripert et Esmein, Traité pratique de droit civil francais,
T. VI, les obligations, Paris, 1952.
4- Jaeques Ghestim ,Traité de droit civil ,La formation du contrat , 3
édition ,1993.
5- Marty et raynaud , Droit civil , T.11,Les obligations,1962.
6- Durma (Mircea ) : La notification de La volonte ,Role de la
notification dans la formation des acts Juridiques , paris , siery
,1930.
7- Marcel Planiol et Géorger Ripert , Traité pratique de droit civil
francais , 2 eme éd , paris ,1952.
تعليقات
إرسال تعليق